Thursday, October 31, 2013

السمكة الأولى/ قانون الإيمان ... إعلان حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 30 من أكتوبر سنة 2013 م

أقرأ لأجل تعليمنا جزء من المزمور 18

أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي.
الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلَهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي.
أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي.
اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي.
حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي.
فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ.
......
......
لِذَلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ وَأُرَنِّمُ لاِسْمِكَ.
بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

معجزة الشبع : الخمس خبزات والسمكتين في البشائر الأربعة
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : سر الافخارستيا ... شركة حب
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب

هذه الخبزات بمثابة كلام أفهمه وأعيشه وأطبقه وأشبع بيه
الشبع شكل من أشكال الممارسة
فإذا مارسنا تلك الخبزات الخمسة وشبعنا بها نجيب على السؤال: كيف أشبع بالله في علاقة قوية

يبقى عندنا سمكتين
السمكة الأولى :
قانون الإيمان : إعلان حب

كثيرون يعرفون أن شكل السمكة هو أحد الرموز المسيحية المبكرة جدا
وكانت تستخدم كعلامة تعارف بين المسيحيين العائشين في وسط وثني
فيرسم المسيحي قوس على الأرض في التراب ... كأنه يلعب ... فإذا كان الآخر مسيحي فيكمل القوس الثاني ... فيكتمل شكل السمكة التي هي تعبير مختصر جدا عن الايمان بالمسيح
كلمة سمكة باليوناني هي "إكسوس" أو "إخسوس" وهي من خمسة حروف
هي الأحرف الأولى لعبارة من خمسة كلمات
"إيسوس إخرستوس إيوس ثيئوس سوتير"
ومعناها : يسوع المسيح ابن الله المخلص
فهي إذن قانون إيمان صغير ... فالسمكة هي قانون الايمان

قانون الايمان نقوله ونحن وقوف ... إذن فهو صلاة
الايمان ليس مجرد إعتناق مجموعة عقائد
ولكنه حياة ... أو عقيدة تقود إلى حياة ...
بموجب هذا الايمان أنت تعيش
الايمان ليس مجرد أفكار أو معرفة عن الله
الايمان ارتباط عميق من الصميم من القلب بشخص الله
هو احساس وجداني كياني ... بأن الله هو قائد حياتك ...
الانسان يشعر ان الله هو مُسير حياته

يسأل الأطفال أحيانا : من خلق الله؟
لكي نقرب هذه الحقيقة : ... يوجد تشبيه بسيط ولطيف
القطار به عشر عربات ... ليس لها قدرة ذاتية على الحركة
وفي مقدمتها قاطرة بها القدرة الذاتية على الحركة ... هذه القدرة الذاتية تجعل سائر العربات تتحرك
وهذه القاطرة يمكن تشبيهها بالله الذي خلق الكون كله
من يشد القاطرة رقم 10 ؟ العربة رقم 9، ومن يشد رقم 9؟ رقم 8 ... إلخ
ومن يشد رقم 1؟ القاطرة ... ومن يشد القاطرة؟
لا شيء يشد القاطرة ... لأن القاطرة بها قدرة ذاتية على الشد

الايمان المسيحي ادراك حي وكياني لوجود الله في حياتي

"الايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بأمور لا ترى" (عبرانيين 11: 1)
أزود كلمتين لتوضيح الآية أكثر : ...
الايمان هو الثقة (الشخصية) بما يرجى ... والايقان (الداخلي) بأمور لا ترى
رجاء ... ويقين ...
أي أن عين الايمان ترى أبعد من العين الجسدية
والكتاب المقدس به قصص كثيرة عن هذا الأمر
والمتنيح ابونا بيشوي كامل له تعبيرات كثيرة عن الايمان
أحدها : ...
"حجم الانسان المسيحي ليس هو حجم جسده بل هو حجم الله الساكن فيه، ولذلك يستطيع أن ينقل جبلا"
ومعجزة نقل جبل المقطم في القرن العاشر الميلادي معروفة ... سجلها تاريخ الكنيسة ... وتاريخ مصر ...
واشترك فيها الكل ... الأب البطريرك والاكليروس وكل الشعب وانسان بسيط مثل سمعان الخراز ...
لذلك فالمسيحي يقول : "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" أي بالمسيح الذي يقويني
وكأن الانسان يختفي في شخص المسيح ... والمسيح هو الذي يعمل
وبذلك يستطيع به أن يعمل كل شيء
الانسان المؤمن المسيحي ليس هو الانسان الذي ينادي بفكرة الله
لكنه الانسان المؤمن المسيحي هو الذي يقبل الله إلها له ... محورا لكيانه كله ... موجها لكل حياته ...
"جعلت الرب أمامي كل حين ... لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع" (مزمور )
مفاعيل الايمان المسيحي ليست هي من الخارج فقط بل حتى أفكارنا
يعترف الانسان حتى بأفكاره ومشاعره
ومن هنا جاء تعبير الأرثوذكسية ... أي العقيدة المستقيمة
أو الطريقة المستقيمة لتمجيد الله

وكن لماذا وضع الايمان في صورة قانون؟
القانون دائما له صياغات جامعة مانعة
جامعة (شاملة) ومانعة : لأي إلتباث أو تغيير أو فهم خاطئ
اي مسيحي في العالم يقول قانون الايمان
شهود يهوة لا يقولون قانون الايمان، وبالتالي فهم ليسوا مسيحيين
قانون الايمان يتلوه كل انسان مسيحي شرقا وغربا

احصائية لطيفة
قانون الايمان به 178 كلمة كلهم من الكتاب المقدس ... فهو صياغة كتابية
تحددوا واكتملوا في 106 سنة بدءا من مجمع نيقية سنة 325 م
ومجمع القسطنطينية سنة م381 وحتى مجمع افسس431 سنة م أي 106 سنة
كل كلمة به مختارة بعيار الذهب
اشترك في وضعه 686 أب بطريرك ومطران وأسقف

وهو كله اعلان حب ... حب ربنا يسوع المسيح وعمله وفداؤه وخلاصه بترتيب تاريخي واضح

بدأت المسيحية واحدة ... كانوا يسمونها أتباع الطريق

في سنة 325 م ظهرت بدعة في الاسكندرية صاحبها أريوس بغروره وكبرياؤه ... وأراد أن ينشر هذه البدعة ... أن المسيح ليس هو الله ... قال: المسيح ليس أزليا
أخذ إقتباسات من الكتاب المقدس أساء فهمها وأساء شرحها
فإجتمع المجمع بأمر الملك قسطنطين . وكان أول مجمع يحضره آباء الكنيسة شرقا وغربا (سنة 318)
ناقشوه كثيرا ثم حرموه وبدعته
ولكي يحفظوا الايمان وضعو الايمان في قالب قانوني

بعد حوالي 50 سنة أو أكثر قليلا ظهرت بدعة أخرى
بدعة مقدونيوس . الذي علم أن الروح القدس ليس روح الله
فإجتمعت الكنيسة وأكملوا قانون الايمان في القسطنطينية
وقانون الايمان كان ينتهي عند عبارة نعم نؤمن بالروح القدس.

بدأ الجزء الثاني من عبارة "الرب المحيي المنبثق من الآب ... الخ"

والمجمع الثالث في أفسس، وكان هذا لما ظهر هرطوقي ثالث هو نسطور قال أن العذراء مريم ولدت جسد المسيح فقط
فإجتمعوا في أفسس

ووضعوا مقدمة قانون الايمان في مجمع افسس سنة 431 م
"نعظمك يا أم النور الحقيقي ... الخ"

وصار القانون ومقدمته صاروا إعلان حب

لا يجب أن تقول قانون الايمان بسرعة بل تأمل فيه وتلامس فيه مع إعلانات الحب التي قدمها لنا المسيح والمذكورة في كل كلمة من كلماته
قانون الايمان هو الخلاصة السريعة عن الايمان المسيحي
نتكلم فيه عن لاهوت الله الآب ولاهوت الله الابن ولاهوت الروح القدس
كل كلمة في القانون ذات أهمية شديدة
عن الآب يقول : ضابط الكل ... خالق السماء والأرض ... ما يرى وما لا يرى ...
وعن الابن يقول : الوحيد ... المولود من الآب ... الذي به كان كل شيء ...
وعن الروح القدس يقول : الرب المحيي ... المنبثق من الآب ... الخ
ثم يتكلم عن سمات الكنيسة : وحيدة مقدسة جامعة رسولية
وعن سر المعمودية : "السمك يعيش في الماء"
السمك يعيش في الماء، وهو يقدم للانسان صورة اعجازية إذ يعيش في موضع هلاك الانسان ... يعيش حيث يموت الانسان ...
العلامة ترتليان هو صاحب العبارة اللطيفة
"نحن السمك الصغير بحسب سمكتنا الكبيرة شاء فولدنا في الماء"
ثم يتكلم عن عقيدة قيامة الأموات : وننتظر قيامة الأموات
ثم عقيدة الحياة الأخرى ... وحياة الدهر الآتي آمين

نحن نصلي قانون الايمان ونحن وقوف ... فهو صلاة

ثم نتذكر الآباء الذين تعبوا في وضع هذا القانون ضد الهرطقات
فقد برع في مجمع نيقية الشماس أثناسيوس ثم رسم كاهنا وصار فيما بعد البطريرك العشرين
وهو الذي دافع ووضع كتب كثيرة: تجسد الكلمة ، وضد الوثنيين، ومقالات ورسائل فصحية كثيرة
نفي خمس مرات وتحمل أتعاب كثيرة من أجل ايمانه
لما قالوا له : العالم كله صار يتبع أريوس
قال : وأنا ضد العالم ...
لا يستطيع انسان أن يقول هكذا إلا لأن إيمانه قوي والمسيح يسكن في قلبه

نتذكر الآباء الذين تحملوا الكثير لكي يحفظوا لنا هذا الايمان نقيا وقانونيا

اي هرطقة تظهر ... نقيسها على قانون الايمان
نشكر الله أنه عبر عشرون قرن من الزمان والايمان المسيتقيم يحيا في كنيستنا
وهو ايمان غالي علينا جدا
وهكذا الآباء الذين تعبوا في وضعه
هذا القانون له ثمن غالي
لذلك سمي الأنبا أثناسيوس : حامي الايمان القويم

قانون الايمان هو من الكتاب المقدس ... لذلك ونحن نقرأه ننقرأ كلام الله
وقراءة لنصوص من الكتاب المقدس ... كلمة الله دائما مصدر عزاء وراحة للانسان

نقف لحظة أمام بدايته
"بالحقيقة نؤمن بإله واحد"
المسيحية تؤمن بالله الواحد
في العهد القديم في سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد
وأيضا
وفي سفر إشعيا : أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري
وفي العهد الجديد : "ليس أحد صالح إلا الله
الله واحد (رومية)
لنا إله واحد (1كو)
الله واحد الذي يعمل الكل في الكل (1 كو 12)
وعندما نتحدث عن الله الواحد نجد امتياز المسيحية باقتراب الله الواحد للانسان في ملئ الزمان
واقتراب الله للانسان في تجسده هو اقتراب الحب
(يوحنا 3: 16) الانجيل الصغير
لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
الله الذي خلق الانسان يعرف أن مفتاح قلب الانسان هو الحب، وبالتالي فهو يعرف مفتاح كل انسان ... لذلك سأصل إلى الأنسان الذي أحبه وأفديه وأخلصه وأرفع عنه ضعفه وأقف بجواره
الحب لا يصلح فيه المراسلة، ولا يصلح فيه البعد
مثل طفل أمه تحبه، ولكنه شقي فتقول له ... خليك بعيد وأحبك من بعيد !!!
ليس هذا الحب ... لكن الحب هو الاقتراب
وهذا ما نسميه سعادة التواجد
في المسيحية يتواجد الله في قلبنا ونتواجد في قلبه

كلمة إنجيل : يعني بشارة مفرحة
ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب
هذا هو خلاصة الايمان والنقطة الاساسية في الايمان
نؤمن بالله الواحد، ولكنه إقترب إلينا

كلمة الآب : أي الأصل The Origin
وكلمة الإبن : وهي كلمة خالية من اي تناسل أو جنس
وكلمة الروح القدس :
الله كائن بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه ... وهذه هي الأقانيم الثلاثة
وحدانية الله هي حجر الأساس في إيماننا المسيحي
نحن نرشم الصليب ونختم بهذه العبارة
الله الواحد آمين

قانون الايمان له شرح كثير وله معاني وتفاصيل كثيرة
ولكن هذا القانون هو اعلان الحب
من الله للانسان ومن الاسنان لله

إيماننا وعقيدتنا تقوم على ثلاثة أعمدة رئيسية :
1. ايماننا كتابي ... مبنية على أساس الكتاب المقدس ومتأصلة في الأسفار ... ولكن إحذر من خطورة الآية الواحدة ... لابد أن يكون لها جذور في الكتاب في أكثر من سفر وأكثر من نص
2. عقائدنا آبائية ... مشروحة بواسطة الآباء ... مثل العظيم في البطاركة القديس أثناسيوس الرسولي ... من خلال مجامع ... مسكونية أو مكانية ... لأن الايمان ليس طلاسم أو علامات استفهام، ولكنه يجب أن يفهمه ويعيه العقل بعمل الروح.
3. عقيدة ليتورجية: أي أننا نعيشها في صلواتنا وعباداتنا الكنسية ... لذلك فان الارتباط بالكنيسة يعطي حياة ... الحياة الكنسية

قانون الايمان يشرح كل المراحل وتاريخ مسيحيتنا وإيماننا ...
"وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي" ... إيماننا محدد التاريخ، وهو ليس مجرد تعابير هيولية ليس لها حدود

أختصر لك قانون الايمان في ثلاث عبارات
1. الله خلق
2. الله خلص
3. الله خلد ... أي جعل للانسان خلود وحياة جديدة

الحرف الأخير من كل كلمة يكون كلمة : "قصد" أي قصد الله
الله خلقك وأوجدك لكن الانسان تاه وبعد وسقط في المعصية ... ولكن الله من حبه جاء لكي يخلصه ... ولا يتركه في الأرض بل صعد إلى السماء لكي يعد له مكانا اكي يحيا في الخلود

قانون الايمان سمكة من سمكتين ... يمكن أن تتأمل فيه صوم كامل ...
تبحث عن موضع آياته ... وعن تاريخ الآباء الذين تعبوا ووضعوه

واجب : إقرأ عبرانيين 11 اصحاح الايمان بعد العظة ... لكي تعيش في فكر الايمان
وهو اصحاح هام جدا ويتكلم عن تعريف الايمان والذين عاشوا بالايمان

يعطينا مسيحنا أن يكون إيماننا حي ومستقيم يمجده في كل حين
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

No comments: