Wednesday, November 27, 2013

صوت الله


ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 20 من نوفمبر سنة 2013 م

صوت الله ...

أقرأ بنعمة الله فصلا من سفر الرؤيا

وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ اللَّاوُدِكِيِّينَ: «هَذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ.
أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أَوْ حَارّاً.
هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي.
لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ.
أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَاباً بِيضاً لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ لِكَيْ تُبْصِرَ.
إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُوراً وَتُبْ.
هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.
مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضاً وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ.
مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين
شهر هاتور شهر الزرع في شهور السنة القبطية
وتختار الكنيسة هذه العبارة بصفة خاصة في شهر هاتور
وفي قراءات الآحداد تتكرر هذه العبارة في الأحاد الأول والثاني والثالث
وفي الأسبوع الرابع قصة مقابلة الشاب الغني مع السيد المسيح ... وكان هذا الشاب متعلقا بأمواله ... فلم يستمع للسيد المسيح !!!

أريد أن أتحدث معكم في هذه الليلة عن
صوت الله
ها أنا واقف على الباب وأقرع ... ان سمع أحد صوتي
عنصر الارادة
الكتاب المقدس يمتلئ بفعل السمع أو الاستماع
تثنية 30 : 20 إذ تحب الرب إلهك
1صم 15 : فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب ... هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة ... والاصغاء أفضل من شحم الكباش
مزمور 29 صوت الرب بالقوة
مزمور 66 : ان راعيت اثما في قلبي ...
اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم

خلاصة هذه الآيات (وهذه فقط بعض الآيات) ... أنه يوجد صوت لله ... الله يتكلم
أميلوا آذانكم وهلموا الي ... إسمعوا فتحيا نفوسكم وأقطع لكم عهدا ابديا (اشعياء 55

فعل السمع تكرر كثيرا في الكتاب المقدس
السمع ... الطاعة ... الطاعة من اولويات الانسان المسيحي

ماذا يعني سماع صوت الله
1. يستجيب له في داخله ايمانيا ... رغم أن الأحداث المحيطة لا تدل على ذلك ... أبونا ابراهيم "أترك أرض وعشيرتك ..." ... أذهب للمجهول عند البشر ... المعلوم عند الله .... سافر رحلة طويلة في دروب الصحراء ... كان ممكنا ان يشك في صوت الله ... ولكنه إستمر حتى وصل ...
2. يفتح قلبه لما يسمعه .... من الأمثلة الواضحة ليديا بائعة الارجوان ... كانت سيدة أعمال ... كانت في قمة السلم الاجتماعي في مدينة فيلبي ... ولكنها فتحت قلبها لما سمعت من بولس الرسول واقتبلت ما تعلمته منه وصارت أول مؤمنة في مدينة فيلبي ... فعل الفتح أو الغلق للقلب هو فعل إرادي ... من إرادة الإنسان ...
3. العمل بما استمعت اليه ... الحياة المسيحية ليست مجرد فلسفات ونظريات وكلام حلو ... إنها حياة عمل وفعل ... بعد استماعك تبدأ تعمل بهذا الصوت ... كالفرق بين من بنى بيته على الصخر ومن بناه على الرمل ...

مشكلة الانسان هي عدم الاستماع
رغم ان لديه اذن جيدة وسمعها جيد تشريحيا وفسيولوجيا
وكانت هذه مشكلة اليهود أيام السيد المسيح مبصرين ولكن غير رائين ... مستمعين ولكن غير مستجيبين
متى 23 اصحاح الويلات ... يسمعوا ولكن لا يستجيبوا

ما هو صوت الله ؟؟؟
في العهد القديم كان دائما ومستمرا من أجل الارشاد والتوجيه
من خلال الشريعة المكتوبة ... مثل الوصايا العشر
أو من خلال الأنبياء المرسلين عبر طول التاريخ اليهودي ...
مثل إرميا النبي الباكي ... وسبب بكاؤه أنه ينقل رسائل من الله للناس ...
ولكنهم لا يسمعون ... بل أحيانا يهزأون بالكلام ... لذلك كان يبكي ...

في العهد الجديد استمر صوت الله يصل للبشر ولكن من خلال الروح القدس
فالأسفار المقدسة هي صوت الله ... ومن حظ الانسان أنه يجد صوت الله مسجلا كتابة ... إلى أن وصل إلينا
ومن خلال الكنيسة وآبائها ... لأن روح الله يعمل كل يوم
يصل صوت الله لنا من خلال الكنيسة

في العهد القديم سمع موسى صوت الله من خلال عليقة

في تاريخ الكنيسة استمع انطونيوس صوت الله من خلال قراءة شماس
حتى القديس أغسطينوس وهو كان انسانا بعيدا وعاش في الشر زمانا
استمع صوت الله بقوة عندما قرأ حياة أنطونيوس بقلم أثناسيوس
وجد أن صوت الله متجسدا في شخص القديس أنبا أنطونيوس ... وبدا يرجع ويتوب ... حتى أختير أسقفا زائع الصيت في التاريخ المسيحي

ما هي مواصفات صوت الله . كيف يكون لديك أذنا حساسة لسماع صوت الله
في المشغولية والضوضاء لا تستطيع أن تسمع كويس
الضوضاء تحرم الانسان من سماع صوت الله
1. قريب جدا ... قد يتكلم من أقرب انسان اليك ... طفل ... شريك حياة ... هو فعلا على الباب يقرع ... قريب ... وينتظر الاستجابة ... يشبه قرب صوت الله بكلمات الله القليلة وهو على الصليب ... عندما قال ... يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون .... اللص اليمين سمع هذا الكلام وتعجب ... وكانت النتيجة أن قال : أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك ... في القداس او اجتماع ... كن منتبها يقظا ... فقد تأي لك كلمات الله ,,, وممن في التفاته منك ... تضيع عليك الفرصة ... قريب للغاية ... قد يكون في مقابلة ... طبعا ليس أي كلمة نسمعها ... صوت الله يأتي اليك من شخص نقي ... الأطفال معبر جيد لصوت الله . التفت جيدا لكلام الأطفال ...
2. صوت مشتاق ... هو يشتاق أن تكون هناك استجابة ... "صوت حبيبي قارعا ... افتحي لي يا اختي يا حبيبيتي يا حمامتي يا كاملتي ... لأن رأسي قد امتلأ من الطل ... وقصصي من ندى الليل" ... اليل هنا يرمز للعمر كله ... الله طويل الاناة ... مش بيزهق بسرعة ... كم مرة قرع الله على باب قلبك ... الله يشتاق الى من يسمعه ,,,, لكن الانسان مشغول
هناك قرعات رقيقة ... مثل آيات من الانجيل ... أو عظة ... أو قراءات روحية ... أو البركات الزمنية المتعددة ... الصحة ... والنجاح ... الله يقولك لك أنا معاك ... وأباركك ...
كما توجد ايضا قرعات شديدة ... (البعض نومه ثقيل يحتاج إلى قرعات شديدة لكي يوقظه) مثل التجارب ... المرض ... المشاكل ... المتاعب ... كم مرة قرع الله على باب قلبك ... قرعات قد تكون شديدة ولكنها لخير الانسان
3. صوت الله مستعد أن يعمل معك جدا ... ومن حلاوة صوت الله أنه لا ينظر الى الماضي ... وسيعمل فورا ... زكا ... لن يعاتبك : "لماذا تأخرت" وهل تأتي إلي بعد أن أضأت سنوات عمرك " من حلاوة صوت الله أنه لا ينظر إلى الماضي ... الله سيفتح معك صفحة جديدة ... بمجرد ما صعد زكا إلى الشجرة : دخل بيته وخلصه من عبادة المال ...
أفعال صوت الله : ها أنا واقف على الباب وأقرع ...
أفعال استجابة الانسان : إن فتح إلي أحد ...
ماذا يصنعه الله وإستعداده للعمل : أدخل إليه وأتعشى معه ...
لم تكن توحد مواصلات ... ومن يصل إلى العشاء لابد أنه سوف يبيت ... إذن المسيح يقيم عنده

أسباب عدم سماع صوت الله : ...
1. واحد قلبه غليظ ... ليس به محبة ...
مثال : الشاب الغني ... أحس أن الوصية ثقيلة لا تتفق مع هواه ...
مضى حزينا ... ولا نعلم كيف إنتهت حياته
2. الكبرياء : أحد أسباب عدم سماع صوت الله : هو لا يرى إلا ذاته ... ولا يسمع إلا ذاته "الإنجيل ده بتاع المسيح" ليس أنا مثال : الكتبة والفريسيين المراؤون ... في قصة المولود أعمى مثلا ... جعلوا حققون في الأمر ... قال لهم في المرة الأخيرة ... لا أعرف غير شيء واحد : أنني كنت أعمى والآن أبصر
3. العناد ... وهو أمر مدمر ... إن كان في خادم أو في بيت أو في كنيسة ... واحد متشبث برأيه ولا يتحرك عنه ... تذكر قصة اسطفانوس وهو راكع أمامهم وهم يرجموه بتهمة التجديف ... أعطاهم درسا في الخلاص ... ولكن هذا زاد إشتعال عنادهو وغضبهم ... وبالرغم أنه كان بينهم واحد موافقا لرأيهم إلا أنها كانت مقدمة لخلاصه ...
4. الخوف والجبن ... مثال : بيلاطس ... عندما سلم المسيح لليهود ... حذرته إمرأته ... لم يستمع لها ... بسبب الجبن والخوف ...

الخلاصة : "إن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم "
لا تنسى أن صوت الله يأتيك بحب وبإشتياق ... وباستعداد للعمل ... فلا تهمل صوت الله ...
أحيانا نصلي بطريقة المرابعة ... خورس بحري وخورس قبلي ... فترات الصمت في التقليد المسيحي هي فترات لاستماع صوت الله
عندما تصلي في البيت أعط فرصة صمت لكيما تعطي فرصة لكي يتحدث إليك الله ...
صوت الله قريب جدا ... لا تدع أحد يشغلك أو يشتتك ... وتنسى الصوت الحقيقي وسط ضوضاء هذا العالم ...
وهذا يمهدنا لصوم الميلاد
وهو صوم ننهي به السنة الميلادية ونستقبل السنة الجديدة
ضع تدريبا لنفسك أن تسمع صوت الله خلال هذا الصوم !!!

ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

الصورة منقولة وليست من إنشائي ...

من له أذنان للسمع ... فليسمع !!!

Photo: ‎ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. 
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ. 
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ. 
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. 
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. 
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. 
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً. 
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. 
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ. 
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً. 
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ. 

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ... 
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير 
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة 
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم 
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ... 
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل : 
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 : 8)
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ... 
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ... 
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...      
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ... 
خدرت ضميره ... 
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ... 
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...           
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟  
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ      
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ... 
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ... 
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ... 
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ... 

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ...      فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ... 

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ... 
     
مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ... 
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ... 
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر .... 
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ... 
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ... 
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ... 
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ... 
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ... 
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم  ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ... 
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ... 
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة 

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون:  "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ... 
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ... 

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا... 
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ... 
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي 
وألتقط الكلمة النافعة لي 
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين‎
ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني

ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ.
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ،
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ.
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً.
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ...
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ...
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل :
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 :
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ...
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ...
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ...
خدرت ضميره ...
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ...
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ...
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ...
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ...
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ...

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ... فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ...

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ...

مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ...
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ...
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر ....
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ...
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ...
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ...
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ...
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ...
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ...
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ...
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون: "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ...
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ...

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا...
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ...
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي
وألتقط الكلمة النافعة لي
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

(الصورة منقولة وليست من إنشائي)

Thursday, November 7, 2013

السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 6 من نوفمبر سنة 2013 م

السمكة الثانية ... سير القديسين ... نماذج حب

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور ... المزمور  رقم 150 – مزمور التسبيح
 هَلِّلُويَا. 
سَبِّحُوا اللهَ فِي قُدْسِهِ. 
سَبِّحُوهُ فِي فَلَكِ قُوَّتِهِ. 
 سَبِّحُوهُ عَلَى قُوَّاتِهِ. 
سَبِّحُوهُ حَسَبَ كَثْرَةِ عَظَمَتِهِ. 
سَبِّحُوهُ بِصَوْتِ الصُّورِ. 
سَبِّحُوهُ بِرَبَابٍ وَعُودٍ. 
سَبِّحُوهُ بِدُفٍّ وَرَقْصٍ. 
سَبِّحُوهُ بِأَوْتَارٍ وَمِزْمَارٍ. 
سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ التَّصْوِيتِ. 
سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ الْهُتَافِ. 
كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبَّ. هَلِّلُويَا.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين ...

بدأت معكم مع بداية السنة القبطية سلسة  تدريبات روحية لكل من يريد أن يعرف وأن يشبع في معرفته بربنا يسوع المسيح
كلمتكم عن الخمس خبزات في معناها الرمزي والروحي
والأسبوع الماضي كلمتكم عن السمكة الأولى قانون الايمان ... إعلان حب
السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

موضوعنا اليوم يدور عن القداسة والقديسين
اهتمام الكنيسة بسير القديسين قويا، وهو أحد التداريب الروحية الهامة في حياتنا
لا تخلو خدمة من سير القديسين
في التسبحة ، مجمع التسبحة ملان بالقديسين
الذكصولوجيات ... تماجيد للقديسين
الدفنار ... كتاب يحكي سير القديسين
تحليل الخدام ... نذكر فيه عدد من القديسين
مجمع القداس ... قائمة من القديسين ... ونبدأهم بأمنا العذراء
في وسط القداس الهيتينيات
صارت سير القديسين أحد العلامات المميزة لحياتنا ولكنيستنا

ما هي قيمة القديسين في حياتنا؟
1. القديسون هم شهود للحياة الأرثوذكسية ... في الطريق نحتاج أعمدة نور ... كل قديس هو بمثابة عمود نور ... يشهد للحياة الأرثوذكسية ... ويشهد للايمان الحي ... يوجد كثيرين على مدى عشرون قرنا ... ظهر قديسون كثيرون ... 
عندما نبني كنيسة على اسم القديس أثناسيوس الرسولي مثلا ... بلا شك هو تكريم لقداسة هذا القديس ... كما أننا أيضا نبني إيمان هذ القديس في قلب كل أحد يأتي إلى هذه الكنيسة ... نريد من كل أحد أن يصير مثل أثناسيوس الرسولي ... 
كنيستنا تحمل تاريخا طويلا ... القديس بولس الرسول يقول : 
"شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين" موكب كبير مثل أي موكب، ولكنه يعبر السنين والقرون، ويقف فيه كل انسان عاش في القداسة ... 
إحذر أن يفوتك هذا الموكب. عندما تشاهد موكب في الكنيسة تذكر على الفور الموكب الذي يؤدي إلى السموات.

2. القديسون هم أقوى مشجع للنفوس التي تسير في درب الرب ... لذلك في طقس الكنيسة ... ومن الابداعات في حياتنا الايمانية ... فان الصف الأول في الكنيسة ليس هو الصف المتجه للشرق ... ولكنه هم القديسون الموجودون في حامل الأيقونات ... ينظرون إلينا للتشجيع ... والتقوية ورفقة الطريق ... 
نقول في كل قداس : "إهدنا يا رب إلى ملكوتك" ... لابد أن نقولها من قلبنا ... 
كل واحد يذهب كل يوم في طريقة ... ولكن تذكر وأنت في أي طريق هذه العبارة : "إهدنا يا رب إلى ملكوتك" ... 
القديسون الذي نحتفل بهم عبر السنة هم أقوى مشجع، مثل أن تشجع طفل عمره 10 أو 12 سنة ونريه طالب متفوق في جامعة مرموقة ونقول له : كان مثلك طفل صغير ووصل إلى هذه الكلية بتفوقه واجتهاده ... 
لذلك من حرص كنيستنا أن نسمي أبناءنا وبناتنا أسماء قديسين، ولأننا أقباط نسمي أبناءنا أسماء قبطية ... ولكل إنسان نصيب في حياته من إسمه ...

3. القديسون هم نماذج للفضيلة ... الفضيلة تتجسد فيهم ... عندما نذكر القديس الأنبا إبرام أسقف الفيوم الأسبق ... تعرف أننا نتكلم عن فضيلة العطاء ... وقس على هذا ... 
القديس مار اسحق له تعبير لطيف : "شهية جدا هي أخبار القديسين في مسامع الودعاء ... وهي كالماء للغروس الجدد" ... 
عندما تحكي في البيت سير القديسين يكبر ابنك وبنتك مشتاقين لحياة الفضيلة ... 
كتاب السنكسار كتاب هام جدا في كل بيت ... ويجب أن تفتحه كل يوم وتقرأه يوميا، وتقصه على أطفالك كل يوم ... لكي يكون باب القداسة مفتوح أمام كل أحد ... 
نشبع بسير القديسين ... وهذا المقصود بالسمكة الثانية. نشبع بسير القديسين ...

مجموعات من القديسين : ...

أولا:  مجموعة من القديسين هم قديسي الكتاب المقدس
يسموا الشخصيات الكتابية
توجد اصحاحات ملانة أسماء مثل رومية 16 مثلا به أكثر من عشرين اسم
الشخصيات الكتابية منها ثلاثة أنواع

1. شخصيات وردت مرة واحدة فقط ... مثل موسى ... وقد ذكر اسمه أكثر من 700 مرة في الكتاب المقدس

2. شخصيات لها أسماء متكررة ... مثل "يوسف" يعني "يزيد في النعمة" ... يوسف الصديق في العهد القديم، وموقف العفاف الذي وقف فيه ... ويوسف النجار الذي كان مرافقا وحارسا للتجسد الالهي ... ويوسف الرامي الذي شارك في دفن السيد المسيح ... مريم العذراء ... مريم أخت موسى ...

3. اسماء عاشت في الظل : وان كان تأثيرها قوي جدا ... مثل برنابا ... أحد السبعين ... وقد كان رفيقا لبولس الرسول ... وقد ذكر مرتين أو ثلاثة في الكتاب ولكن كان له تأثير كبير في التاريخ إذ أنه هو  الذي قدم بولس الرسول لجماعة الرسل ... أيضا مردخاي الذي كان حارسا أو غفيرا ، ولكنه كان له تأثيرا كبيرا

ثانيا : شخصيات التاريخ الكنسي القديم :

1. إكليروس (نصيب الرب) آباء بطاركة أو أساقفة أو كهنة على رأس هؤلاء القديس مار مرقس الطاهر والشهيد ... يمثلوا أمانة الخدمة ... ومنهم القديس أثناسيوس الرسولي ... وهو الوحيد الذي حمل لقب الرسولي في بطاركة الاسكندرية ... ونحن نفتخر أننا ننتمي اليه وأنه قاد الكنيسة أكثر من نصف قرن ... وهو الذي دشن كاتدرائية مار مينا القديمة ... قبله بقليل كان البابا ديمتريوس الكرام ... الذي عاش بتولا مع زوجته ... وكان البطريرك الـ 12 ... وكان شخصا أمينا في الخدمة ... 

2. معلمين يمثلوا استقامة الايمان ... أو الفلاسفة ... الفلسفة في بداية المسيحية كانت هي الحاكمة في كل العلم ... وكانوا يقدمون المسيحية في أسلوب فلسفي ... مثل أثيناغوراس ... وترتليان ... وقد عمل كتاب اسمه المربي وهو كتاب صالح حتى اليوم ... وكليمنضس ... وكان من التقليد القديم أن يؤخذ الاب البطريرك من مديري مدرسة الاسكندرية  

3. شهداء ... يمثلوا نقاوة الحياة ... وكنيستنا كنيسة شهادة ... ايماننا لم يصل لنا سهلا ... بداية من مار مرقس، ومرورا بتاريخ طويل من الشهداء ... 
بتوليين ونساك مثل مار مينا والشهيدة دميانة ... 
متزوجين مثل القديسة رفقة ... والأم دولاجي ... 
مجموعات القديس موريس والكتيبة الطيبية ... 
والقديسة فيرينا ... والقديسة كاترين ... 

4. نساك ... يمثلوا سماوية الحياة ... سكنوا في القفار والبراري وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم للملك المسيح ... 
في البداية كان القديس الأنبا بولا ... ثم القديس الأنبا أنطونيوس ... والأنبا مكاريوس ... والأنبا باخوميوس الذي وضع قوانين الشركة ... والأنبا شنودة رئيس المتوحدين ... والذي جعل من أديرته محل يجمع كل الشعب خاصة أثناء المجاعات ... فهم متوحدين لكنهم لم ينفصلوا عن جسم الكنسية ...

ثالثا : شخصيات التاريخ الكنسي المعاصر

أي خلال المائة سنة الأخيرة ... أي أن بعضنا رآهم

1. إكليروس : البابا كيرلس السادس ... وقد اعترف المجمع المقدس بقداسته في 20 يونيو الماضي 2013 م ... وفي نفس اليوم أيضا إعترف بالأرشيدياكون حبيب جرجس وقد كان شماسا ... وقبلهم القديس الأنبا ابرام ... 
لا تربط بين موقعه أو منصبه وبين حياة القداسة ... فالقداسة يمكن أن يعيش فيها أصغر انسان ... إرادة الله هي قداستكم ... والقمص ميخائيل ابراهيم تلميذ الأنبا ابرام

2. من المعلمين ... ظهر مجموعة من الوعاظ مثل : الأستاذ عياد عياد ... وكثيرين غيره ... من المعلمين أيضا : المتنيح البابا شنودة ... وقد بدأ خدمته أسقفا للتعليم

3. من الشهداء سيدهم بشاي ... وأيضا شهداء كل يوم معاصرين ... مثل أنبا صموئيل في حادث المنصة ... وأبونا مينا في سيناء

4. ومن النساك : القمص يسطس الأنطوني ... في دير الأنبا أنطونيوس

خارج مصر وفي الكنائس الأخرى أيضا ظهر في مسيحيتهم قديسين مثل مار جرجس قديما ، والقديس يوحنا ذهبي الفم، من القسطنطينية،  والقديس باسيليوس الكبير أسقف قيصارية  وأسرته كانت أسرة قديسين
والأم تريزة صديقة الفقراء في الزمن الحديث
هذه مجرد عينات وليس حصرا لأولئك الذين عاشوا في القداسة


مجمع القداس الالهي يقدم طائفة أو مجموعة من الذين عاشوا في القداسة (تشكيلة جميلة)
جنس المرأة يمثلها أمنا العذراء مريم
ثنائيات : مكسيموس ودوماديوس إخوة
الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا ... أصدقاء
أنبا بيشوي وأنبا بولا الطموهي ... رفقاء
مجموعات من القديسين : 
الـ 318 في نيقية ... والـ 150 في القطسنطينية ... والـ 200 في أفسس ... والـ 49 شهيد شيوخ برية شيهيت ... ولباس الصليب
نذكر تائبين مثل موسى الأسود
متزوجين : مثل القديس ديمتريوس الكرام
مصريين ... كيرلس عمود الدين ... وثيئوفيلس ...
وغير مصريين ... مثل القديس ساويرس الأنطاكي ... وذهبي الفم يوناني
مجموعات أسماء : ...
الثلاث أنبا مقارات القديسين ... مكاريوس الكبير ... ومكاريوس الاسكندراني ... ومكاريوس الأسقف ...
ثلاثة باسم اغريغوريوس : الأرمني ... والناطق بالالهيات ... والصانع العجائب ...
 أول الشهداء اسطفانوس
وخاتم الشهداء البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك الـ 17

الخلاصة يا إخوتي أن هؤلاء كلهم نماذج للحب
فان أردت أن تعيش هذه المحبة الفياضة وتعرف بها المسيح
إقرأ سير هؤلاء وعشها وتمتع بها
وإعرف كيف أن الكنيسة غنية والتاريخ غني
إملأ حياتك بأرواح القديسين في كل بيت
هم في السماء حقا ... لكن مازالت ذكراهم وأعمالهم وكتاباتهم وأقوالهم عايشة معنا
القديس أنبا بولا أول السواح مع عمره الطويل لا يذكر له التاريخ سوى عبارة واحدة :
"من يهرب من الضيقة يهرب من الله" ولكنها تحيا معنا لليوم

بهذا أكون قد أكملت لك بمعنى روحي الخمسة خبزات والسمكتين لكي تعيشهم كتداريب روحية
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حب
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب
السمكة الأولى : قانون الايمان ... إعلان حب
السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

هذا هو برنامج روحي لك لكي تتمتع بكل عنصر فيه وتحيا في معرفة وشبع ... لكي تستطيع أن تقول مع القديس بولس الرسول :
لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ،
رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 3: 10

ولالهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين