Tuesday, October 22, 2013

الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حُب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم الأنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 16 من أكتوبر 2013 م

الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حُب 

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور 23

اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. 
فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. 
يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 
أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. 
تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. 
إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ.
نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

منذ بداية العام القبطي بدأنا سلسلة : ...
كيف نقيم علاقة قوية مع ربنا يسوع المسيح؟
كيف نشبع من مسيحنا؟
في الأول : البداية
وبعد ذلك ... سلسلة الخمس خبزات والسمكتين ... وهي المعجزة الأكثر إنتشارا في الكتاب المقدس ... معجزة البركة أو معجزة الشبع ... موجودة في الأربعة أناجيل
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة وسر الاعتراف خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا شركة حب مع المسيح

هذا المزمور ... مزمور الراعي 23 ... يتكلم عن حياتنا المسيحية في الكنيسة
المراع الخضر ... كلمة الله
ماء الراحة ... نعمة المعمودية
وادي ظل الموت ... يحوي معنى الدفن ... أي المعمودية أيضا
مسحت بالدهن رأسي ... سر الميرون
تهيء مائدة قدامي ... مائدة الشكر الافخارستيا
كأسي ريا ... كأس عصير الكرمة ... الذي يتحول بعمل الروح القدس وصلوات الأب الكاهن الشرعي إلى دم يسوع المسيح
وينتهي بالقول ... وأسكن في بيت الرب ... أي الكنيسة ... كل الأسرار هذه في بيت الله

سر التناول هو أحد أسرار الكنيسة السبعة ... وهو الذي يعطي نعمة غير منظورة 
وقد ذكر عن هذا السر اشارات كثيرة أشهرها في انجيل يوحنا كما في يوحنا 6
الإفخارستيا هو من أقدم الأسرار إذ تمتد جذوره إلى تقدمة ملكي صادق 
سر التناول أو القداس الالهي بكل ما فيه من صلوات وألحان وتسابيح ومردات وقراءات معظمها من العهد الجديد مع قراءة من المزامير ... وفيه أيضا عظة مبنية على القراءات غالبا
ومن الجميل في القداس أن الكاهن يكرر عبارة : "إيريني باسي" أي "السلام لكم"
بحيث أن الذي يأتي من العالم ويحضر القداس يخرج في قمة السعادة والسلام

ما هي الافخارستيا
الله أعطانا كل شيء ... فلكي نشكره ... نأخذ مما يعطيه لنا ونقدم تقدمة شكر ... تعبير الشكر
في سر التناول : ... 
الذبيحة هي ذبيحة المسيح على الصليب ... والسيد المسيح هو الكاهن ...
المسيجة لا تعرف ما تقدمه إلا المسيح ... هو حياتنا
"كما أن النور أعظم من الظل ... وكما أن الحقيقة أعظم من الرمز ... هكذا جسد المسيح أعظم من المن النازل من السماء" 
(القديس إمبروسيوس)

في العهد القديم توجد ذبائح ... حيوانية ... وفيها أيضا تقدمة الدقيق
ولكنها كانت ذبائح متكررة ... أي أن مفعولها قصير ... تقدم باستمرار
ولكن ذبيحة المسيح  ممتدة في الزمن ... 
في كل مرة تحضر قداسا كأنك في وقت الصليب تماما ...والسيد المسيح هو حاضر ...
يا ترى وأنت آت للتقدم لهذا السر ... تشعر بحضور المسيح فيه ...

"لا يستحق التناول من جسد المسيح ودمه إلا من كان جوفه طاهرا نقيا كأحشاء السيدة الطاهرة مريم العذراء" 
(الأنبا رويس)

أهم شيء يجب أن تعرفه هو أنك في سر التناول تخرج خارج الزمن ... السيد المسيح قال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي" ... 
هذه الكلمات بنفسها يقولها الأب الكاهن ... ففي نطقه هذا ... بغض النظر عن شخص الكاهن ... فإن في النطق الذي ينطقه فيه قوة كلمة المسيح وفعل الروح القدس ...

بولس الرسول كان يهوديا ... ولكن لما ظهر له السيد المسيح ... وبعدما بقي في الصحراء يتتلمذ على يدي الله ...:
ولكيما تكون خدمته فيها الكمال والشمول ... تولى الرب بنفسه تسليمه هذا السر ...
ولهذا السبب يقول الآباء : 
المسيحيون يقيمون سر الافخارستيا ... وسر الافخارستيا يقيم المسيحيين ...
سر الافخارستيا يُصلَّى في أي مكان ... قبل تأسيس الكنائس كان يصلى في البيوت ... وفي أوقات الاضطهاد كان يصلى في السجون والمطابق والمقابر والمزارع والمغاير وفي اي مكان ... فصارت حياة الانسان المسيحي مستمدة من هذا السر

الله لم يقدم كلمته فقط مكتوبة أو منطوقة أو مرئية ... بل قدمها أيضا مبذولة ومذبوحة ومأكولة على الصليب ...
إذن نحن نتناول كلمة الله بوجهين ...
الكتاب المقدس كلمة الله ... وهذا يتحقق في القراءات
والمسيح المصلوب الذي قدم لنا جسده فداءا عنا ... نأخذه في هذا السر في القداس الإلهي ... في سر التناول ...
لذلك يقول القديس بولس الرسول : المسيح فصحنا ... ذبح لأجلنا ...
مسيحنا هو غذائنا ... به نجتاز هذا العالم عابرين إلى السماء خلال موته ...
التناول هو رحلة من الأرض للسماء
.........................................................

كيف أقدر أعيش وأستمتع بهذا السر؟

في سر التناول يرتدي الأسقف والكاهن والشمامسة الملابس البيضاء ... وحتى الآن بعض الكنائس التقليدية يرتدي الشعب ملابس بيضاء في القداس ...
وقديما كان أجدادنا يخصصون ملابس بيضاء للقداس ...
وثياب الكهنة في العهد القديم كانت من الكتان الأبيض
الأربعة والعشرين قسيسا كانو يلبسون الأبيض
الثياب البيض تشير إلى النور ... القيامة ...
شركة سر التناول رحلة تعيشها باستمرار ...

بعض التداريب أو الخطوات التي تساعد على ذلك ...
1. إفهم السر ... كن واعياً بجذور هذا السر ... وعمل المسيح ... واستحضر في ذهنك من خلال الكتاب المقدس ما حدث على الصليب ... أنا ذاهب لأقابل ملك الملوك ... ما أرهب هذا المكان

2. كن مستعدا بنفسك ... لكي تعيش في أعماق السر وتأخذ مفعوله في حياتك ... إقرأ قراءات القداس في ليلة القداس ... ولا تسهر كثيرا بل خذ كفايتك من النوم ... لا تشاهد شيئا مزعجاً أو مثيراً ...

3. شارك بكل كيانك في القداس ... ما دام الله يعطيك الصحة ... قدمها ذبيحة ... شارك في الوقوف ... مع ملاحظة أنه ليس خطأ أن يجلس شخصا مريضا ... شارك في المردات ... إذا كنت تتشتت إمسك خولاجي ...

4. عيش الصلوات ... في صلاة الصلح عيش هذه المصالحة  ... عيش صلب المسيح وقيامته ... استخدم نعمة التخيل التي حبا الله بها البشر ... عش إنتظار مجيء المسيح ... أيها الجلوس قفوا ... وإلى الشرق أنظروا ... عش الطلبات ... ليس فقط باللسان ... وفي المجمع ... قائمة القديسين الذين دافعوا عن الايمان ... والعذراء مريم نائبة عن جنس المرأة ... ثم قائمة من الذين عاشوا في القداسة ... ويكتمل القداس في النهاية بالقسمة والاعتراف ... وفي الاعتراف لاحظ ما يلي:

a. يعطى عنا خلاصا: فلا خلاص خارج الكنيسة ... والخلاص من خلال الاتحاد بهذا السر ... "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه" ... أنال نصيبي في صليب المسيح من خلال هذا السر ... "هكذا أحب الله العالم ... حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له حياة ابدية" هذه الآية تسمى بالانجيل الصغير (يوحنا 3: 16)

b. وغفرانا للخطايا : حياتنا لا تخلو من الخطية ... وكل يوم نريد أن نعيش التوبة ... لا تظن أن خطاياك أكبر من ذبيحة المسيح على الصليب ... التناول هو نار ونور ... نار تحرق الخطية ... ونور لطريق حياتك ... دواء لخطيتي ... وغذاء لحياتي مارس سر التناول ... فيما عدا التداريب من خلال أب الإعتراف ...

c. وحياة أبدية لمن يتناول منه : من خلال ممارسة هذا السر بوعي ... وشركة حبي للمسيح وشركة حب المسيح لي ... يكون للانسان مكان في الأبدية ... من يأكل جسدي ويشرب دمي له حياة أبدية

التناول والافخارستيا والقداس بصفة عامة هي الخبزة الرابعة في شبعنا بالسيد المسيح
هناك واحد يعرف المسيح ... وآخر شبعان بالمسيح
أدعوكم للشبع بالمسيح بالتناول
والنعمة الثلاثية الموجودة فيه ... (خلاص ... غفران ... حياة أبدية) ... التي هي لُب سر الافخارستيا 
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

No comments: