Thursday, October 24, 2013

الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 23 من أكتوبر 2013 

الخبزة الخامسة
الصوم ... خبرة حب

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور 41
  لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ 
طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 
الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. 
الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ. 
أَنَا قُلْتُ: [يَا رَبُّ ارْحَمْنِي. اشْفِ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ]. 
أَعْدَائِي يَتَقَاوَلُونَ عَلَيَّ بِشَرٍّ: [مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟] 
وَإِنْ دَخَلَ لِيَرَانِي يَتَكَلَّمُ بِالْكَذِبِ. قَلْبُهُ يَجْمَعُ لِنَفْسِهِ إِثْماً. يَخْرُجُ فِي الْخَارِجِ يَتَكَلَّمُ. 
كُلُّ مُبْغِضِيَّ يَتَنَاجُونَ مَعاً عَلَيَّ. عَلَيَّ تَفَكَّرُوا بِأَذِيَّتِي. 
يَقُولُونَ: [أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ]. 
أَيْضاً رَجُلُ سَلاَمَتِي الَّذِي وَثَقْتُ بِهِ آكِلُ خُبْزِي رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ! 
أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي فَأُجَازِيَهُمْ. 
بِهَذَا عَلِمْتُ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِي أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي. 
أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي دَعَمْتَنِي وَأَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ. 
مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ. 

كيف نشبع في علاقتنا بالسيد المسيح ؟؟؟
معجزة الشبع : الخمس خبزات والسمكتين
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حب

اليوم موعدنا مع ...
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب ...

فترات الأصوام هي لاختبار محبتنا لله ومحبة الله لنا
نحن نصوم في كنيتسنا فترات كثيرة ... وكنيستنا كنيسة ناسكة زاهدة ... فهكذا تعلمنا المسيحية ...
نصوم أربعة صيامات طويلة ...
صوم الميلاد ... 43 يوما
الصوم الكبير ... 55 يوما
صوم الرسل ... يتراوح بين 15 يوم إلى 49 يوم ... متوسطه شهر
ثم صوم العذراء مريم ... أسبوعين ..

نصوم أيضا أربعة أصوام قصيرة
صوم نينوى
الأربعاء من كل أسبوع
الجمعة من كل أسبوع
برمون قبل الغطاس
أما برمون عيد الميلاد فهو داخل فترة صوم الميلاد ...

أيضا يصوم الكاهن بعد رسامته 40 يوما ... 
مثل موسى النبي ... ومثل السيد المسيح ...
ويصوم الأسقف بعد رسامته سنة كاملة

كما نصوم في الشدائد والضيقات أصوام شخصية أو عامة
ونصوم أيضا في فترة اختيار بطريرك للكنيسة ... في فترة الانتخابات وفي فترة القرعة ...

الصوم وصية قديمة تعود إلى وقت خلقة آدم وحواء في الجنة
أعطاهم الله تدريب صوم يريد أن يعلم الله به الانسان دروس كثيرة
كُلْ كما تشاء ولكن إبعد عن هذه الشجرة ... شجرة معرفة الخير والشر
وبالمنطق البشري فقد كان هذا أمرا بسيطا جدا ...
وهنا الانسان كان أمام إمتحان : ...
إمتحان صوم ...
امتحان ضبط النفس ...
امتحان الطاعة ...
امتحان عدم كسر الوصية ...
امتحان إعلان محبته لله ...

ولكن للأسف سقط الانسان الأول في هذا الامتحان البسيط جدا ... 
وكسر الوصية ... وكسر قلب الله ...

لذلك هذه الآية وردت مرتين ...
"ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ... بل بكل كلمة تخرج من فم الله"
(تثنية 8: 3) ... و (متى 4: 4)

وصارت هذه الوصية هي قاعدة الصوم ...
وصارت فترات الصوم هي فترات يختبر فيها الانسان خبرة الحب ...
يا رب أنا أضبط نفسي في الطعام لأني أحبك ...
فترات الصوم هي فترة من أجل أن تزداد خبرتك ومحبتك لله ...
الصوم ليس حرمانا ... وليس كبتا للجسد ... وليس رياضة بدنية ... (كالرجيم مثلا)
الصوم أساسا تعبير حب ... يا رب لا أريد أن أنشغل بشيء عنك ...
والطعام أكثر شيء يشغل الانسان كل يوم ...
لذلك يقف الانسان المسيحي ويعلن أمام الله أني أحبك ...
الصوم ليس تعبير قوة ...

عندما تحدث السيد المسيح  في الموعظة على الجبل ... عن أركان الحياة المسيحية في متى 6 سبق الصوم خطوتين
أولا الصدقة
ثم الصلاة
وثالثا اختبار الصوم
لماذا وضعها السيد المسيح كذلك؟

الصدقة تعبير عن علاقتي بالآخر في أي إحتياج ... ومشاعري تجاهه ...
هذا الآخر لا أنظر إليه لا بمفهوم ديني ولا عنصري ولا عرقي ولا طائفي ...
أي إنسان آخر ...
نتألم لألم كل انسان في العالم ... ونصلي لأجل كل انسان ...

ثم تأتي الصلاة لتعبر عن علاقتي بالله ...
ثم ثالثا الصوم: علاقة الانسان بذاته ...
الصوم هو وسيلة قوية جدا تجعل الانسان يدخل في خبرة الحب

الصوم المسيجي يعتمد أساسا على فترة انقطاع ... ثم يليه تناول طعام نباتي ...
فترة الانقطاع حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ... حسب تدبير أب الاعتراف ...
وهي فترة لتدريب ارادة الانسان ... فالانسان يمتنع عن الطعام رغم أنه متاح ...
فيتدرب الانسان على ارادة "اللا" ... وهي الارادة التي نقف بها امام اي خطية ... 
وبذلك يستطيع الامتناع عن الخطية
ثم تأتي فترة الطعام النباتي وهي تذكرنا فترة تواجد آدم وحواء في الجنة حيث كانوا يتناولون طعامهم من الأشجار ...
والطعام النباتي يعطي طاقة هادئة ... لا تثير شهواته وغرائزه ...

في الفترة بين عيد الميلاد وعيد القيامة وهي قمة أعيادنا ... طعاما نباتيا فقط ...
أما قبل عيد الميلاد ... وبعد عيد القيامة ... فيسمح بتناول السمك ...
والسمك أيضا يعطي طاقة هادئة ... وله طبيعة مختلفة عن الأطعمة الحيوانية ... وتوالده ليس بطريقة الشهوة والتناسل ...

"نحن السمك الصغير ... بحسب سمكتنا الكبيرة ... ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ... شاء فولدنا في الماء - أي المعمودية" (العلامة ترتليان)

نصوم كل سنة 196 يوم ... ما يقرب من 200 يوم
وأيام الافطار 169 ... 
تقريبا ... لأن صوم الرسل يغير تلك النسبة
وهذا يظهر لنا أهمية الصوم في كنيستنا وفي التربية ...

السيد المسيح فدانا على الصليب ومات لأجل العالم كله ... وجاء لأجل كل إنسان ... محبة المسيح لنا لا يمكن استيعابها ... ونريد أن نبادله هذا الحب بحب ...
الصوم أحد وسائل تعبيرنا عن هذا الحب
من أجلك نمات كل النهار
علشان خاطرك يا رب
وهذه الكلمة هي أحد أساسيات الحياة المسيحية
الشهداء
النساك
الزوجة الواحدة
الأصوام والصلوات الطويلة والتسابيح
كل هؤلاء إحتملوا من أجل خاطر الله ...

الصوم ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب ... بل إمتناع أيضا عن الشر وشبه الشر

في الصوم نخضع أجسادنا لعمل الروح ... نجعل الروح تقود الجسد
وهنا في فترات الصوم يعيش الانسان ليس حسب الجسد بل حسب الروح
فتصير حياة الانسان روحانية ... أقرب للسماء مما للأرض ... 

في الصوم يتحرر الانسان من الأنا ... إذ يشعر بضعفه ...
القديس بولس الرسول قال: إن سلمت جسدي حتى أحترق ... وليس لي محبة ... 
فان كان انسان بيموت نفسه في الخدمة أو النسك ولكن ليس له محبة ... لا تنتفع شيئا

الصوم فرصة قوية لكي يتحرر الانسان من ذاته ... من الأنا ... من إحساسه بأنه "مفيش زيه"
قد يحارب الشيطان الانسان ... وقد يحاربه العالم ... 
أما الذات فتحارب في اي وقت وفي اي سن ... ولكن الذات عندما تحارب فهي مقيمة معه ...
الصوم رفيق للصلاة ... للصدقة ... للخدمة ... للحياة المسيحية بصفة عامة ...

محبتنا لله تدفعنا للصوم ...
طلبنا لعمل الروح القدس أن يقود حياتنا يدفعنا للصوم
طلبنا لكي نتحرر من الأنا يدفعنا للصوم
أيضا محبتنا للغير تدفعنا للصوم

الصوم فترة تذلل ... الصوم ليس تغيير طعام بطعام ...
الصوم تدريب توبة ... وفي نفس الوقت يعطي خبرة فرح
يشعر الانسان باقترابه من السماويات وارتفاعه عن الأرضيات
يعطيه احساس بالآخر ... واحساس بضعفنا

يستفيد الانسان من هذا الشعور بالضعف في التخلص من الغضب
الصوم يجعل الانسان مضبوطا ويستطيع أن يتغلب على انفعالاته ...
الصوم يوسع قلب الانسان ... فيقتني فضيلة اتساع القلب بالحب للكل ...
وهذه الفضيلة تجعل الانسان يقتني فضائل أكثر وأكثر ...
يقتني فضيلة الصمت والرحمة ...


الصوم نمارسه في الخفاء
الأقباط في أصوام العذراء يتبارون في النسك
البعض يضيفون أسبوعا
والبعض يصومون (بماء وملح)
يجب تعليم الأولاد من صغرهم على الصوم ... بتدرج
الصوم يشمل حياة وخبرة حب

أب الاعتراف يساعدك في فترة الأصوام سواء الكنسية أو التداريب ...

القديس أثناسيوس الرسولي: 
"متى حُفِظ الصوم مقدسا ... لا يؤدي إلى التوبة فحسب بل يعد قديسين ... ويسمو بهم فوق الأرضيات إلى السمائيات"

الصوم هو الخبزة الخامسة ... وهي خمسة تداريب لكي نرتقي بحياتنا الروحية ...
الصوم خبرة الحب التي يقتنيها الانسان أمام محبة الله ...

الأسبوعين القادمين نتكلم عن السمكتين في استكمال لهذه السلسلة
ولالهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

No comments: