Thursday, October 31, 2013

السمكة الأولى/ قانون الإيمان ... إعلان حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 30 من أكتوبر سنة 2013 م

أقرأ لأجل تعليمنا جزء من المزمور 18

أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي.
الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلَهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي.
أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي.
اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي.
حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي.
فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ.
......
......
لِذَلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ وَأُرَنِّمُ لاِسْمِكَ.
بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

معجزة الشبع : الخمس خبزات والسمكتين في البشائر الأربعة
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : سر الافخارستيا ... شركة حب
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب

هذه الخبزات بمثابة كلام أفهمه وأعيشه وأطبقه وأشبع بيه
الشبع شكل من أشكال الممارسة
فإذا مارسنا تلك الخبزات الخمسة وشبعنا بها نجيب على السؤال: كيف أشبع بالله في علاقة قوية

يبقى عندنا سمكتين
السمكة الأولى :
قانون الإيمان : إعلان حب

كثيرون يعرفون أن شكل السمكة هو أحد الرموز المسيحية المبكرة جدا
وكانت تستخدم كعلامة تعارف بين المسيحيين العائشين في وسط وثني
فيرسم المسيحي قوس على الأرض في التراب ... كأنه يلعب ... فإذا كان الآخر مسيحي فيكمل القوس الثاني ... فيكتمل شكل السمكة التي هي تعبير مختصر جدا عن الايمان بالمسيح
كلمة سمكة باليوناني هي "إكسوس" أو "إخسوس" وهي من خمسة حروف
هي الأحرف الأولى لعبارة من خمسة كلمات
"إيسوس إخرستوس إيوس ثيئوس سوتير"
ومعناها : يسوع المسيح ابن الله المخلص
فهي إذن قانون إيمان صغير ... فالسمكة هي قانون الايمان

قانون الايمان نقوله ونحن وقوف ... إذن فهو صلاة
الايمان ليس مجرد إعتناق مجموعة عقائد
ولكنه حياة ... أو عقيدة تقود إلى حياة ...
بموجب هذا الايمان أنت تعيش
الايمان ليس مجرد أفكار أو معرفة عن الله
الايمان ارتباط عميق من الصميم من القلب بشخص الله
هو احساس وجداني كياني ... بأن الله هو قائد حياتك ...
الانسان يشعر ان الله هو مُسير حياته

يسأل الأطفال أحيانا : من خلق الله؟
لكي نقرب هذه الحقيقة : ... يوجد تشبيه بسيط ولطيف
القطار به عشر عربات ... ليس لها قدرة ذاتية على الحركة
وفي مقدمتها قاطرة بها القدرة الذاتية على الحركة ... هذه القدرة الذاتية تجعل سائر العربات تتحرك
وهذه القاطرة يمكن تشبيهها بالله الذي خلق الكون كله
من يشد القاطرة رقم 10 ؟ العربة رقم 9، ومن يشد رقم 9؟ رقم 8 ... إلخ
ومن يشد رقم 1؟ القاطرة ... ومن يشد القاطرة؟
لا شيء يشد القاطرة ... لأن القاطرة بها قدرة ذاتية على الشد

الايمان المسيحي ادراك حي وكياني لوجود الله في حياتي

"الايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بأمور لا ترى" (عبرانيين 11: 1)
أزود كلمتين لتوضيح الآية أكثر : ...
الايمان هو الثقة (الشخصية) بما يرجى ... والايقان (الداخلي) بأمور لا ترى
رجاء ... ويقين ...
أي أن عين الايمان ترى أبعد من العين الجسدية
والكتاب المقدس به قصص كثيرة عن هذا الأمر
والمتنيح ابونا بيشوي كامل له تعبيرات كثيرة عن الايمان
أحدها : ...
"حجم الانسان المسيحي ليس هو حجم جسده بل هو حجم الله الساكن فيه، ولذلك يستطيع أن ينقل جبلا"
ومعجزة نقل جبل المقطم في القرن العاشر الميلادي معروفة ... سجلها تاريخ الكنيسة ... وتاريخ مصر ...
واشترك فيها الكل ... الأب البطريرك والاكليروس وكل الشعب وانسان بسيط مثل سمعان الخراز ...
لذلك فالمسيحي يقول : "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" أي بالمسيح الذي يقويني
وكأن الانسان يختفي في شخص المسيح ... والمسيح هو الذي يعمل
وبذلك يستطيع به أن يعمل كل شيء
الانسان المؤمن المسيحي ليس هو الانسان الذي ينادي بفكرة الله
لكنه الانسان المؤمن المسيحي هو الذي يقبل الله إلها له ... محورا لكيانه كله ... موجها لكل حياته ...
"جعلت الرب أمامي كل حين ... لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع" (مزمور )
مفاعيل الايمان المسيحي ليست هي من الخارج فقط بل حتى أفكارنا
يعترف الانسان حتى بأفكاره ومشاعره
ومن هنا جاء تعبير الأرثوذكسية ... أي العقيدة المستقيمة
أو الطريقة المستقيمة لتمجيد الله

وكن لماذا وضع الايمان في صورة قانون؟
القانون دائما له صياغات جامعة مانعة
جامعة (شاملة) ومانعة : لأي إلتباث أو تغيير أو فهم خاطئ
اي مسيحي في العالم يقول قانون الايمان
شهود يهوة لا يقولون قانون الايمان، وبالتالي فهم ليسوا مسيحيين
قانون الايمان يتلوه كل انسان مسيحي شرقا وغربا

احصائية لطيفة
قانون الايمان به 178 كلمة كلهم من الكتاب المقدس ... فهو صياغة كتابية
تحددوا واكتملوا في 106 سنة بدءا من مجمع نيقية سنة 325 م
ومجمع القسطنطينية سنة م381 وحتى مجمع افسس431 سنة م أي 106 سنة
كل كلمة به مختارة بعيار الذهب
اشترك في وضعه 686 أب بطريرك ومطران وأسقف

وهو كله اعلان حب ... حب ربنا يسوع المسيح وعمله وفداؤه وخلاصه بترتيب تاريخي واضح

بدأت المسيحية واحدة ... كانوا يسمونها أتباع الطريق

في سنة 325 م ظهرت بدعة في الاسكندرية صاحبها أريوس بغروره وكبرياؤه ... وأراد أن ينشر هذه البدعة ... أن المسيح ليس هو الله ... قال: المسيح ليس أزليا
أخذ إقتباسات من الكتاب المقدس أساء فهمها وأساء شرحها
فإجتمع المجمع بأمر الملك قسطنطين . وكان أول مجمع يحضره آباء الكنيسة شرقا وغربا (سنة 318)
ناقشوه كثيرا ثم حرموه وبدعته
ولكي يحفظوا الايمان وضعو الايمان في قالب قانوني

بعد حوالي 50 سنة أو أكثر قليلا ظهرت بدعة أخرى
بدعة مقدونيوس . الذي علم أن الروح القدس ليس روح الله
فإجتمعت الكنيسة وأكملوا قانون الايمان في القسطنطينية
وقانون الايمان كان ينتهي عند عبارة نعم نؤمن بالروح القدس.

بدأ الجزء الثاني من عبارة "الرب المحيي المنبثق من الآب ... الخ"

والمجمع الثالث في أفسس، وكان هذا لما ظهر هرطوقي ثالث هو نسطور قال أن العذراء مريم ولدت جسد المسيح فقط
فإجتمعوا في أفسس

ووضعوا مقدمة قانون الايمان في مجمع افسس سنة 431 م
"نعظمك يا أم النور الحقيقي ... الخ"

وصار القانون ومقدمته صاروا إعلان حب

لا يجب أن تقول قانون الايمان بسرعة بل تأمل فيه وتلامس فيه مع إعلانات الحب التي قدمها لنا المسيح والمذكورة في كل كلمة من كلماته
قانون الايمان هو الخلاصة السريعة عن الايمان المسيحي
نتكلم فيه عن لاهوت الله الآب ولاهوت الله الابن ولاهوت الروح القدس
كل كلمة في القانون ذات أهمية شديدة
عن الآب يقول : ضابط الكل ... خالق السماء والأرض ... ما يرى وما لا يرى ...
وعن الابن يقول : الوحيد ... المولود من الآب ... الذي به كان كل شيء ...
وعن الروح القدس يقول : الرب المحيي ... المنبثق من الآب ... الخ
ثم يتكلم عن سمات الكنيسة : وحيدة مقدسة جامعة رسولية
وعن سر المعمودية : "السمك يعيش في الماء"
السمك يعيش في الماء، وهو يقدم للانسان صورة اعجازية إذ يعيش في موضع هلاك الانسان ... يعيش حيث يموت الانسان ...
العلامة ترتليان هو صاحب العبارة اللطيفة
"نحن السمك الصغير بحسب سمكتنا الكبيرة شاء فولدنا في الماء"
ثم يتكلم عن عقيدة قيامة الأموات : وننتظر قيامة الأموات
ثم عقيدة الحياة الأخرى ... وحياة الدهر الآتي آمين

نحن نصلي قانون الايمان ونحن وقوف ... فهو صلاة

ثم نتذكر الآباء الذين تعبوا في وضع هذا القانون ضد الهرطقات
فقد برع في مجمع نيقية الشماس أثناسيوس ثم رسم كاهنا وصار فيما بعد البطريرك العشرين
وهو الذي دافع ووضع كتب كثيرة: تجسد الكلمة ، وضد الوثنيين، ومقالات ورسائل فصحية كثيرة
نفي خمس مرات وتحمل أتعاب كثيرة من أجل ايمانه
لما قالوا له : العالم كله صار يتبع أريوس
قال : وأنا ضد العالم ...
لا يستطيع انسان أن يقول هكذا إلا لأن إيمانه قوي والمسيح يسكن في قلبه

نتذكر الآباء الذين تحملوا الكثير لكي يحفظوا لنا هذا الايمان نقيا وقانونيا

اي هرطقة تظهر ... نقيسها على قانون الايمان
نشكر الله أنه عبر عشرون قرن من الزمان والايمان المسيتقيم يحيا في كنيستنا
وهو ايمان غالي علينا جدا
وهكذا الآباء الذين تعبوا في وضعه
هذا القانون له ثمن غالي
لذلك سمي الأنبا أثناسيوس : حامي الايمان القويم

قانون الايمان هو من الكتاب المقدس ... لذلك ونحن نقرأه ننقرأ كلام الله
وقراءة لنصوص من الكتاب المقدس ... كلمة الله دائما مصدر عزاء وراحة للانسان

نقف لحظة أمام بدايته
"بالحقيقة نؤمن بإله واحد"
المسيحية تؤمن بالله الواحد
في العهد القديم في سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد
وأيضا
وفي سفر إشعيا : أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري
وفي العهد الجديد : "ليس أحد صالح إلا الله
الله واحد (رومية)
لنا إله واحد (1كو)
الله واحد الذي يعمل الكل في الكل (1 كو 12)
وعندما نتحدث عن الله الواحد نجد امتياز المسيحية باقتراب الله الواحد للانسان في ملئ الزمان
واقتراب الله للانسان في تجسده هو اقتراب الحب
(يوحنا 3: 16) الانجيل الصغير
لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
الله الذي خلق الانسان يعرف أن مفتاح قلب الانسان هو الحب، وبالتالي فهو يعرف مفتاح كل انسان ... لذلك سأصل إلى الأنسان الذي أحبه وأفديه وأخلصه وأرفع عنه ضعفه وأقف بجواره
الحب لا يصلح فيه المراسلة، ولا يصلح فيه البعد
مثل طفل أمه تحبه، ولكنه شقي فتقول له ... خليك بعيد وأحبك من بعيد !!!
ليس هذا الحب ... لكن الحب هو الاقتراب
وهذا ما نسميه سعادة التواجد
في المسيحية يتواجد الله في قلبنا ونتواجد في قلبه

كلمة إنجيل : يعني بشارة مفرحة
ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب
هذا هو خلاصة الايمان والنقطة الاساسية في الايمان
نؤمن بالله الواحد، ولكنه إقترب إلينا

كلمة الآب : أي الأصل The Origin
وكلمة الإبن : وهي كلمة خالية من اي تناسل أو جنس
وكلمة الروح القدس :
الله كائن بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه ... وهذه هي الأقانيم الثلاثة
وحدانية الله هي حجر الأساس في إيماننا المسيحي
نحن نرشم الصليب ونختم بهذه العبارة
الله الواحد آمين

قانون الايمان له شرح كثير وله معاني وتفاصيل كثيرة
ولكن هذا القانون هو اعلان الحب
من الله للانسان ومن الاسنان لله

إيماننا وعقيدتنا تقوم على ثلاثة أعمدة رئيسية :
1. ايماننا كتابي ... مبنية على أساس الكتاب المقدس ومتأصلة في الأسفار ... ولكن إحذر من خطورة الآية الواحدة ... لابد أن يكون لها جذور في الكتاب في أكثر من سفر وأكثر من نص
2. عقائدنا آبائية ... مشروحة بواسطة الآباء ... مثل العظيم في البطاركة القديس أثناسيوس الرسولي ... من خلال مجامع ... مسكونية أو مكانية ... لأن الايمان ليس طلاسم أو علامات استفهام، ولكنه يجب أن يفهمه ويعيه العقل بعمل الروح.
3. عقيدة ليتورجية: أي أننا نعيشها في صلواتنا وعباداتنا الكنسية ... لذلك فان الارتباط بالكنيسة يعطي حياة ... الحياة الكنسية

قانون الايمان يشرح كل المراحل وتاريخ مسيحيتنا وإيماننا ...
"وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي" ... إيماننا محدد التاريخ، وهو ليس مجرد تعابير هيولية ليس لها حدود

أختصر لك قانون الايمان في ثلاث عبارات
1. الله خلق
2. الله خلص
3. الله خلد ... أي جعل للانسان خلود وحياة جديدة

الحرف الأخير من كل كلمة يكون كلمة : "قصد" أي قصد الله
الله خلقك وأوجدك لكن الانسان تاه وبعد وسقط في المعصية ... ولكن الله من حبه جاء لكي يخلصه ... ولا يتركه في الأرض بل صعد إلى السماء لكي يعد له مكانا اكي يحيا في الخلود

قانون الايمان سمكة من سمكتين ... يمكن أن تتأمل فيه صوم كامل ...
تبحث عن موضع آياته ... وعن تاريخ الآباء الذين تعبوا ووضعوه

واجب : إقرأ عبرانيين 11 اصحاح الايمان بعد العظة ... لكي تعيش في فكر الايمان
وهو اصحاح هام جدا ويتكلم عن تعريف الايمان والذين عاشوا بالايمان

يعطينا مسيحنا أن يكون إيماننا حي ومستقيم يمجده في كل حين
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

Thursday, October 24, 2013

الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 23 من أكتوبر 2013 

الخبزة الخامسة
الصوم ... خبرة حب

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور 41
  لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ 
طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 
الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. 
الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ. 
أَنَا قُلْتُ: [يَا رَبُّ ارْحَمْنِي. اشْفِ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ]. 
أَعْدَائِي يَتَقَاوَلُونَ عَلَيَّ بِشَرٍّ: [مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟] 
وَإِنْ دَخَلَ لِيَرَانِي يَتَكَلَّمُ بِالْكَذِبِ. قَلْبُهُ يَجْمَعُ لِنَفْسِهِ إِثْماً. يَخْرُجُ فِي الْخَارِجِ يَتَكَلَّمُ. 
كُلُّ مُبْغِضِيَّ يَتَنَاجُونَ مَعاً عَلَيَّ. عَلَيَّ تَفَكَّرُوا بِأَذِيَّتِي. 
يَقُولُونَ: [أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ]. 
أَيْضاً رَجُلُ سَلاَمَتِي الَّذِي وَثَقْتُ بِهِ آكِلُ خُبْزِي رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ! 
أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي فَأُجَازِيَهُمْ. 
بِهَذَا عَلِمْتُ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِي أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي. 
أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي دَعَمْتَنِي وَأَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ. 
مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ. 

كيف نشبع في علاقتنا بالسيد المسيح ؟؟؟
معجزة الشبع : الخمس خبزات والسمكتين
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حب

اليوم موعدنا مع ...
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب ...

فترات الأصوام هي لاختبار محبتنا لله ومحبة الله لنا
نحن نصوم في كنيتسنا فترات كثيرة ... وكنيستنا كنيسة ناسكة زاهدة ... فهكذا تعلمنا المسيحية ...
نصوم أربعة صيامات طويلة ...
صوم الميلاد ... 43 يوما
الصوم الكبير ... 55 يوما
صوم الرسل ... يتراوح بين 15 يوم إلى 49 يوم ... متوسطه شهر
ثم صوم العذراء مريم ... أسبوعين ..

نصوم أيضا أربعة أصوام قصيرة
صوم نينوى
الأربعاء من كل أسبوع
الجمعة من كل أسبوع
برمون قبل الغطاس
أما برمون عيد الميلاد فهو داخل فترة صوم الميلاد ...

أيضا يصوم الكاهن بعد رسامته 40 يوما ... 
مثل موسى النبي ... ومثل السيد المسيح ...
ويصوم الأسقف بعد رسامته سنة كاملة

كما نصوم في الشدائد والضيقات أصوام شخصية أو عامة
ونصوم أيضا في فترة اختيار بطريرك للكنيسة ... في فترة الانتخابات وفي فترة القرعة ...

الصوم وصية قديمة تعود إلى وقت خلقة آدم وحواء في الجنة
أعطاهم الله تدريب صوم يريد أن يعلم الله به الانسان دروس كثيرة
كُلْ كما تشاء ولكن إبعد عن هذه الشجرة ... شجرة معرفة الخير والشر
وبالمنطق البشري فقد كان هذا أمرا بسيطا جدا ...
وهنا الانسان كان أمام إمتحان : ...
إمتحان صوم ...
امتحان ضبط النفس ...
امتحان الطاعة ...
امتحان عدم كسر الوصية ...
امتحان إعلان محبته لله ...

ولكن للأسف سقط الانسان الأول في هذا الامتحان البسيط جدا ... 
وكسر الوصية ... وكسر قلب الله ...

لذلك هذه الآية وردت مرتين ...
"ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ... بل بكل كلمة تخرج من فم الله"
(تثنية 8: 3) ... و (متى 4: 4)

وصارت هذه الوصية هي قاعدة الصوم ...
وصارت فترات الصوم هي فترات يختبر فيها الانسان خبرة الحب ...
يا رب أنا أضبط نفسي في الطعام لأني أحبك ...
فترات الصوم هي فترة من أجل أن تزداد خبرتك ومحبتك لله ...
الصوم ليس حرمانا ... وليس كبتا للجسد ... وليس رياضة بدنية ... (كالرجيم مثلا)
الصوم أساسا تعبير حب ... يا رب لا أريد أن أنشغل بشيء عنك ...
والطعام أكثر شيء يشغل الانسان كل يوم ...
لذلك يقف الانسان المسيحي ويعلن أمام الله أني أحبك ...
الصوم ليس تعبير قوة ...

عندما تحدث السيد المسيح  في الموعظة على الجبل ... عن أركان الحياة المسيحية في متى 6 سبق الصوم خطوتين
أولا الصدقة
ثم الصلاة
وثالثا اختبار الصوم
لماذا وضعها السيد المسيح كذلك؟

الصدقة تعبير عن علاقتي بالآخر في أي إحتياج ... ومشاعري تجاهه ...
هذا الآخر لا أنظر إليه لا بمفهوم ديني ولا عنصري ولا عرقي ولا طائفي ...
أي إنسان آخر ...
نتألم لألم كل انسان في العالم ... ونصلي لأجل كل انسان ...

ثم تأتي الصلاة لتعبر عن علاقتي بالله ...
ثم ثالثا الصوم: علاقة الانسان بذاته ...
الصوم هو وسيلة قوية جدا تجعل الانسان يدخل في خبرة الحب

الصوم المسيجي يعتمد أساسا على فترة انقطاع ... ثم يليه تناول طعام نباتي ...
فترة الانقطاع حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ... حسب تدبير أب الاعتراف ...
وهي فترة لتدريب ارادة الانسان ... فالانسان يمتنع عن الطعام رغم أنه متاح ...
فيتدرب الانسان على ارادة "اللا" ... وهي الارادة التي نقف بها امام اي خطية ... 
وبذلك يستطيع الامتناع عن الخطية
ثم تأتي فترة الطعام النباتي وهي تذكرنا فترة تواجد آدم وحواء في الجنة حيث كانوا يتناولون طعامهم من الأشجار ...
والطعام النباتي يعطي طاقة هادئة ... لا تثير شهواته وغرائزه ...

في الفترة بين عيد الميلاد وعيد القيامة وهي قمة أعيادنا ... طعاما نباتيا فقط ...
أما قبل عيد الميلاد ... وبعد عيد القيامة ... فيسمح بتناول السمك ...
والسمك أيضا يعطي طاقة هادئة ... وله طبيعة مختلفة عن الأطعمة الحيوانية ... وتوالده ليس بطريقة الشهوة والتناسل ...

"نحن السمك الصغير ... بحسب سمكتنا الكبيرة ... ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ... شاء فولدنا في الماء - أي المعمودية" (العلامة ترتليان)

نصوم كل سنة 196 يوم ... ما يقرب من 200 يوم
وأيام الافطار 169 ... 
تقريبا ... لأن صوم الرسل يغير تلك النسبة
وهذا يظهر لنا أهمية الصوم في كنيستنا وفي التربية ...

السيد المسيح فدانا على الصليب ومات لأجل العالم كله ... وجاء لأجل كل إنسان ... محبة المسيح لنا لا يمكن استيعابها ... ونريد أن نبادله هذا الحب بحب ...
الصوم أحد وسائل تعبيرنا عن هذا الحب
من أجلك نمات كل النهار
علشان خاطرك يا رب
وهذه الكلمة هي أحد أساسيات الحياة المسيحية
الشهداء
النساك
الزوجة الواحدة
الأصوام والصلوات الطويلة والتسابيح
كل هؤلاء إحتملوا من أجل خاطر الله ...

الصوم ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب ... بل إمتناع أيضا عن الشر وشبه الشر

في الصوم نخضع أجسادنا لعمل الروح ... نجعل الروح تقود الجسد
وهنا في فترات الصوم يعيش الانسان ليس حسب الجسد بل حسب الروح
فتصير حياة الانسان روحانية ... أقرب للسماء مما للأرض ... 

في الصوم يتحرر الانسان من الأنا ... إذ يشعر بضعفه ...
القديس بولس الرسول قال: إن سلمت جسدي حتى أحترق ... وليس لي محبة ... 
فان كان انسان بيموت نفسه في الخدمة أو النسك ولكن ليس له محبة ... لا تنتفع شيئا

الصوم فرصة قوية لكي يتحرر الانسان من ذاته ... من الأنا ... من إحساسه بأنه "مفيش زيه"
قد يحارب الشيطان الانسان ... وقد يحاربه العالم ... 
أما الذات فتحارب في اي وقت وفي اي سن ... ولكن الذات عندما تحارب فهي مقيمة معه ...
الصوم رفيق للصلاة ... للصدقة ... للخدمة ... للحياة المسيحية بصفة عامة ...

محبتنا لله تدفعنا للصوم ...
طلبنا لعمل الروح القدس أن يقود حياتنا يدفعنا للصوم
طلبنا لكي نتحرر من الأنا يدفعنا للصوم
أيضا محبتنا للغير تدفعنا للصوم

الصوم فترة تذلل ... الصوم ليس تغيير طعام بطعام ...
الصوم تدريب توبة ... وفي نفس الوقت يعطي خبرة فرح
يشعر الانسان باقترابه من السماويات وارتفاعه عن الأرضيات
يعطيه احساس بالآخر ... واحساس بضعفنا

يستفيد الانسان من هذا الشعور بالضعف في التخلص من الغضب
الصوم يجعل الانسان مضبوطا ويستطيع أن يتغلب على انفعالاته ...
الصوم يوسع قلب الانسان ... فيقتني فضيلة اتساع القلب بالحب للكل ...
وهذه الفضيلة تجعل الانسان يقتني فضائل أكثر وأكثر ...
يقتني فضيلة الصمت والرحمة ...


الصوم نمارسه في الخفاء
الأقباط في أصوام العذراء يتبارون في النسك
البعض يضيفون أسبوعا
والبعض يصومون (بماء وملح)
يجب تعليم الأولاد من صغرهم على الصوم ... بتدرج
الصوم يشمل حياة وخبرة حب

أب الاعتراف يساعدك في فترة الأصوام سواء الكنسية أو التداريب ...

القديس أثناسيوس الرسولي: 
"متى حُفِظ الصوم مقدسا ... لا يؤدي إلى التوبة فحسب بل يعد قديسين ... ويسمو بهم فوق الأرضيات إلى السمائيات"

الصوم هو الخبزة الخامسة ... وهي خمسة تداريب لكي نرتقي بحياتنا الروحية ...
الصوم خبرة الحب التي يقتنيها الانسان أمام محبة الله ...

الأسبوعين القادمين نتكلم عن السمكتين في استكمال لهذه السلسلة
ولالهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

Tuesday, October 22, 2013

الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حُب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم الأنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 16 من أكتوبر 2013 م

الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حُب 

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور 23

اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. 
فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. 
يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 
أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. 
تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. 
إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ.
نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

منذ بداية العام القبطي بدأنا سلسلة : ...
كيف نقيم علاقة قوية مع ربنا يسوع المسيح؟
كيف نشبع من مسيحنا؟
في الأول : البداية
وبعد ذلك ... سلسلة الخمس خبزات والسمكتين ... وهي المعجزة الأكثر إنتشارا في الكتاب المقدس ... معجزة البركة أو معجزة الشبع ... موجودة في الأربعة أناجيل
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة وسر الاعتراف خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا شركة حب مع المسيح

هذا المزمور ... مزمور الراعي 23 ... يتكلم عن حياتنا المسيحية في الكنيسة
المراع الخضر ... كلمة الله
ماء الراحة ... نعمة المعمودية
وادي ظل الموت ... يحوي معنى الدفن ... أي المعمودية أيضا
مسحت بالدهن رأسي ... سر الميرون
تهيء مائدة قدامي ... مائدة الشكر الافخارستيا
كأسي ريا ... كأس عصير الكرمة ... الذي يتحول بعمل الروح القدس وصلوات الأب الكاهن الشرعي إلى دم يسوع المسيح
وينتهي بالقول ... وأسكن في بيت الرب ... أي الكنيسة ... كل الأسرار هذه في بيت الله

سر التناول هو أحد أسرار الكنيسة السبعة ... وهو الذي يعطي نعمة غير منظورة 
وقد ذكر عن هذا السر اشارات كثيرة أشهرها في انجيل يوحنا كما في يوحنا 6
الإفخارستيا هو من أقدم الأسرار إذ تمتد جذوره إلى تقدمة ملكي صادق 
سر التناول أو القداس الالهي بكل ما فيه من صلوات وألحان وتسابيح ومردات وقراءات معظمها من العهد الجديد مع قراءة من المزامير ... وفيه أيضا عظة مبنية على القراءات غالبا
ومن الجميل في القداس أن الكاهن يكرر عبارة : "إيريني باسي" أي "السلام لكم"
بحيث أن الذي يأتي من العالم ويحضر القداس يخرج في قمة السعادة والسلام

ما هي الافخارستيا
الله أعطانا كل شيء ... فلكي نشكره ... نأخذ مما يعطيه لنا ونقدم تقدمة شكر ... تعبير الشكر
في سر التناول : ... 
الذبيحة هي ذبيحة المسيح على الصليب ... والسيد المسيح هو الكاهن ...
المسيجة لا تعرف ما تقدمه إلا المسيح ... هو حياتنا
"كما أن النور أعظم من الظل ... وكما أن الحقيقة أعظم من الرمز ... هكذا جسد المسيح أعظم من المن النازل من السماء" 
(القديس إمبروسيوس)

في العهد القديم توجد ذبائح ... حيوانية ... وفيها أيضا تقدمة الدقيق
ولكنها كانت ذبائح متكررة ... أي أن مفعولها قصير ... تقدم باستمرار
ولكن ذبيحة المسيح  ممتدة في الزمن ... 
في كل مرة تحضر قداسا كأنك في وقت الصليب تماما ...والسيد المسيح هو حاضر ...
يا ترى وأنت آت للتقدم لهذا السر ... تشعر بحضور المسيح فيه ...

"لا يستحق التناول من جسد المسيح ودمه إلا من كان جوفه طاهرا نقيا كأحشاء السيدة الطاهرة مريم العذراء" 
(الأنبا رويس)

أهم شيء يجب أن تعرفه هو أنك في سر التناول تخرج خارج الزمن ... السيد المسيح قال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي" ... 
هذه الكلمات بنفسها يقولها الأب الكاهن ... ففي نطقه هذا ... بغض النظر عن شخص الكاهن ... فإن في النطق الذي ينطقه فيه قوة كلمة المسيح وفعل الروح القدس ...

بولس الرسول كان يهوديا ... ولكن لما ظهر له السيد المسيح ... وبعدما بقي في الصحراء يتتلمذ على يدي الله ...:
ولكيما تكون خدمته فيها الكمال والشمول ... تولى الرب بنفسه تسليمه هذا السر ...
ولهذا السبب يقول الآباء : 
المسيحيون يقيمون سر الافخارستيا ... وسر الافخارستيا يقيم المسيحيين ...
سر الافخارستيا يُصلَّى في أي مكان ... قبل تأسيس الكنائس كان يصلى في البيوت ... وفي أوقات الاضطهاد كان يصلى في السجون والمطابق والمقابر والمزارع والمغاير وفي اي مكان ... فصارت حياة الانسان المسيحي مستمدة من هذا السر

الله لم يقدم كلمته فقط مكتوبة أو منطوقة أو مرئية ... بل قدمها أيضا مبذولة ومذبوحة ومأكولة على الصليب ...
إذن نحن نتناول كلمة الله بوجهين ...
الكتاب المقدس كلمة الله ... وهذا يتحقق في القراءات
والمسيح المصلوب الذي قدم لنا جسده فداءا عنا ... نأخذه في هذا السر في القداس الإلهي ... في سر التناول ...
لذلك يقول القديس بولس الرسول : المسيح فصحنا ... ذبح لأجلنا ...
مسيحنا هو غذائنا ... به نجتاز هذا العالم عابرين إلى السماء خلال موته ...
التناول هو رحلة من الأرض للسماء
.........................................................

كيف أقدر أعيش وأستمتع بهذا السر؟

في سر التناول يرتدي الأسقف والكاهن والشمامسة الملابس البيضاء ... وحتى الآن بعض الكنائس التقليدية يرتدي الشعب ملابس بيضاء في القداس ...
وقديما كان أجدادنا يخصصون ملابس بيضاء للقداس ...
وثياب الكهنة في العهد القديم كانت من الكتان الأبيض
الأربعة والعشرين قسيسا كانو يلبسون الأبيض
الثياب البيض تشير إلى النور ... القيامة ...
شركة سر التناول رحلة تعيشها باستمرار ...

بعض التداريب أو الخطوات التي تساعد على ذلك ...
1. إفهم السر ... كن واعياً بجذور هذا السر ... وعمل المسيح ... واستحضر في ذهنك من خلال الكتاب المقدس ما حدث على الصليب ... أنا ذاهب لأقابل ملك الملوك ... ما أرهب هذا المكان

2. كن مستعدا بنفسك ... لكي تعيش في أعماق السر وتأخذ مفعوله في حياتك ... إقرأ قراءات القداس في ليلة القداس ... ولا تسهر كثيرا بل خذ كفايتك من النوم ... لا تشاهد شيئا مزعجاً أو مثيراً ...

3. شارك بكل كيانك في القداس ... ما دام الله يعطيك الصحة ... قدمها ذبيحة ... شارك في الوقوف ... مع ملاحظة أنه ليس خطأ أن يجلس شخصا مريضا ... شارك في المردات ... إذا كنت تتشتت إمسك خولاجي ...

4. عيش الصلوات ... في صلاة الصلح عيش هذه المصالحة  ... عيش صلب المسيح وقيامته ... استخدم نعمة التخيل التي حبا الله بها البشر ... عش إنتظار مجيء المسيح ... أيها الجلوس قفوا ... وإلى الشرق أنظروا ... عش الطلبات ... ليس فقط باللسان ... وفي المجمع ... قائمة القديسين الذين دافعوا عن الايمان ... والعذراء مريم نائبة عن جنس المرأة ... ثم قائمة من الذين عاشوا في القداسة ... ويكتمل القداس في النهاية بالقسمة والاعتراف ... وفي الاعتراف لاحظ ما يلي:

a. يعطى عنا خلاصا: فلا خلاص خارج الكنيسة ... والخلاص من خلال الاتحاد بهذا السر ... "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه" ... أنال نصيبي في صليب المسيح من خلال هذا السر ... "هكذا أحب الله العالم ... حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له حياة ابدية" هذه الآية تسمى بالانجيل الصغير (يوحنا 3: 16)

b. وغفرانا للخطايا : حياتنا لا تخلو من الخطية ... وكل يوم نريد أن نعيش التوبة ... لا تظن أن خطاياك أكبر من ذبيحة المسيح على الصليب ... التناول هو نار ونور ... نار تحرق الخطية ... ونور لطريق حياتك ... دواء لخطيتي ... وغذاء لحياتي مارس سر التناول ... فيما عدا التداريب من خلال أب الإعتراف ...

c. وحياة أبدية لمن يتناول منه : من خلال ممارسة هذا السر بوعي ... وشركة حبي للمسيح وشركة حب المسيح لي ... يكون للانسان مكان في الأبدية ... من يأكل جسدي ويشرب دمي له حياة أبدية

التناول والافخارستيا والقداس بصفة عامة هي الخبزة الرابعة في شبعنا بالسيد المسيح
هناك واحد يعرف المسيح ... وآخر شبعان بالمسيح
أدعوكم للشبع بالمسيح بالتناول
والنعمة الثلاثية الموجودة فيه ... (خلاص ... غفران ... حياة أبدية) ... التي هي لُب سر الافخارستيا 
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

Wednesday, October 9, 2013

الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم الأنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 9 من أكتوبر 2013 م

الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حُب

نقرأ لأجل تعليمنا المزمور الواحد والخمسين – مزمور التوبة

Psa 51:1  لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. 
مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ عِنْدَمَا جَاءَ إِلَيْهِ نَاثَانُ النَّبِيُّ بَعْدَ مَا دَخَلَ إِلَى بَثْشَبَعَ 
اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. 
Psa 51:2  اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. 
Psa 51:3  لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِماً. 
Psa 51:4  إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ. 
Psa 51:5  هَئَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي. 
Psa 51:6  هَا قَدْ سُرِرْتَ بِالْحَقِّ فِي الْبَاطِنِ فَفِي السَّرِيرَةِ تُعَرِّفُنِي حِكْمَةً. 
Psa 51:7  طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ. 
Psa 51:8  أَسْمِعْنِي سُرُوراً وَفَرَحاً فَتَبْتَهِجَ عِظَامٌ سَحَقْتَهَا. 
Psa 51:9  اسْتُرْ وَجْهَكَ عَنْ خَطَايَايَ وَامْحُ كُلَّ آثَامِي. 
Psa 51:10  قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. 
Psa 51:11  لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. 
Psa 51:12  رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي. 
Psa 51:13  فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ وَالْخُطَاةُ إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ. 
Psa 51:14  نَجِّنِي مِنَ الدِّمَاءِ يَا اللهُ إِلَهَ خَلاَصِي فَيُسَبِّحَ لِسَانِي بِرَّكَ. 
Psa 51:15  يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ. 
Psa 51:16  لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 
Psa 51:17  ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ. 
Psa 51:18  أَحْسِنْ بِرِضَاكَ إِلَى صِهْيَوْنَ. ابْنِ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ. 
Psa 51:19  حِينَئِذٍ تُسَرُّ بِذَبَائِحِ الْبِرِّ مُحْرَقَةٍ وَتَقْدِمَةٍ تَامَّةٍ. حِينَئِذٍ يُصْعِدُونَ عَلَى مَذْبَحِكَ عُجُولاً.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين ...
.......................................................

تكلمنا في الأسابيع الماضية منذ بدأ العام القبطي الجديد عن

أولا : البداية ... كيف نبدأ ... 
في البداية يجب أن نهتم بمعرفتنا وشبعنا بالمسيح
ومعجزة الخمس خبزات والسمكتين معجزة شبع ... ونحن نريد أن نشبع بعلاقة قوية مع السيد المسيح ... فتكلمنا عن خبزتين من هذه الخبزات 
1. الكتاب المقدس خبزة حب
2. الصلاة   لقاء حب
3. واليوم نتحدث عن: التوبة خطوة حب

خطية الانسان هي الكارثة الأولى في حياة البشرية
فمهما تعددت الكوارث إلا أن الخطية هي الكارثة الأولى
الخطية تسقط الانسان ... والانسان يقف أمامها بالتوبة
التوبة هي عمل الانسان في كل حياته
أولا : الخطية أفقدت الانسان صورته الالهية ... 
فبعدما أوجد الله الخليقة (المملكة) خلق الانسان (الملك)
وقد فقد الانسان هذه الصورة بالخطية

وثاينا : أن الانسان أصبح ميت روحيا ... 
مثل إنسان لديه شلل في ذراعه ... الذراع موجود لكنه فاقد حيويته
وقد صار للانسان بهذا الموت الروحي أن الانسان يحيا بيولوجيا ... لكن من الناحية الروحية لا توجد فيه حياة

وثالثا : الخطية تجعل الانسان تحت غضب الله – الخطاة في يوم الدينونة سيقولون للآكام غطينا وللجبال أسقطي علينا

الخطية هي جهادك اليومي
الخطية تريد أن تحرمك من مسيحك لكي تظل في حالة قلق او جوع
الانسان عندما يجوع يحتاج أن يأكل
أما الانسان الخاطيء فهو يسير من جوع إلى جوع ... 
وإحساس الجوع هو أقرب تشبيه لاحساس القلق الروحي بسبب الخطية
آدم وحواء في الفردوس لم يكن عندهم قلق إطلاقا
وعندما ازدادت الخطية ازداد القلق
والمجتمع الاستهلاكي زاد القلق أكثر جدا

يجب ان يكون المسيح مركز الحياة (مثل مركز الدائرة) 
بدون المركز لا يمكن أن تكون الدائرة واضحة ... 
استبدل الانسان بهذا المركز مركزا آخر ... هو ذاته ... شخصه هو ... نفسه ... 
فصار لعبة في يد الشيطان
الشيطان يقول ... ضع ذاتك وأنا آتي وأسكن معك
الشهوة ، والسلطة، والمال، واللذة، ومغريات الأرض
ذات الانسان تجعله يغرق ويبعد ويعيش في دوامة ... لا يستطيع أن يخرج منها إلا إذا جاء المسيح وصار مركز الدائرة لكي تصير الدائرة منتظمة
صار كل انسان يبحث عن نفسه فقط ... 
حتى الذين تركوا كل شيء ... حتى الرهبان الذين ذهبوا للبرية ... حتى هؤلاء أحيانا الشيطان أو ذاتهم تسقطهم

صار جهادك اليومي توبة لكي تشبع بالمسيح
لا يمكن أن ترى خطاياك إلا إذا أتيت إلى نور المسيح
طالما المريض بعيد عن الطبيب لا يستطيع |أن يشخص مرضه
وإن ظل بعيدا ... زاد مرضه وإتسع
وإن أتى المريض للطبيب عرف مرضه
وإن أتى الخاطئ للمسيح رأى خطاياه

آه ما أحسن الاعتراف بين يديك ... ترسل لي شعاعا من نورك ... فأخجل من نفسي.
فتشت عنك كثيرا أيها الجمال غير المرئي ... وأخيرا وجدتك في قلبي
(القديس أوغسطينوس)

أن تخطئ فهذا ضعف بشري ... فهذا ضعف بشري
أما أن تستمر في الخطية ... فهذا عمل شيطاني
(القديس يوحنا ذهبي الفم)

حروب الشيطان تسقط الانسان عندما يسلم ذاته لعدو الخير
أحبك يا رب يا قوتي (مزمور)
صرخة التوبة
ليس في ذاتي قوة بل ضعف ... وأنت الوحيد من خلال جودك وليس من خلال استحقاقي ... تعطيني قوة
طول زمن الخطية يؤدي إلى القلق مما يشكك الانسان في محبة ربنا
الخطية تخطف النوم من الانسان ... أما الانسان التائب ... فحتى إن نام ساعات قليلة ... فهذه الساعات تشبعه وتعطيه راحة

هذا المزمور الواحد والخمسين نصلي به في مقدمة الصلاة 
هذا المزمور عنوانا للتوبة
في العهد الجديد وان كان الكتاب المقدس كله يتحدث عن التوبة إلا أن الاصحاح 15 من إنجيل معلمنا لوقا يعتبر اصحاح التوبة
وهو يتحدث عن: الخروف الضال ... والدرهم المفقود ... والابن الضال

هذا الابن الضال الذي لا نعرف اسمه ... لأنه ينطبق على كل انسان منا ... 
فقد كل شيء إلا شيئا واحدا ... وهو الرجاء
وهو يمثل الخاطئ الذي يفقد بالخطية كل شيء إلى شيئا واحدا هو الرجاء
الابن الضال أحس بالجوع ... وبدأ يعقد مقارنة ... 
ماذا أنا هنا ... وماذا أنا في بيت أبي
كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز
أقوم الآن وأرجع إلى أبي
التوبة أن يبدأ الاسنان مع نفسه ... يقر بخطاياه ... 
أما أن يقول الانسان أنا كويس ... أفضل من فلان أو علان

1. أولا : رجع إلى نفسه ... (شعر بالخطية)
2. رفع صلاة (تعهد)
3. يذهب إلى بيت أبيه ويقر (سر الاعتراف)
سر الاعتراف يجب أن يسبقه وقفة مع النفس ... 
الشعور بالخطية كيف أذلت الانسان والجوع إلى الله
الخطوة الثانية أن يقف أمام الله ويتعهد
ثم أمام أبيه ويقر بمشاعر التوبة التي يريد أن يعيشها
ثم ينال بركات التوبة

البعض يسمي التوبة ميناء ينقذ من الغرق
التوبة مشاعر
انسحاق القلب وايمان قوي في شخص المسيح وتعهد أمام الله بعدم العودة ... تعهد ثابت ... 
لذلك إذا أردت التوبة إعرف أن قيمة نفسك غالية جدا أمام الله ... 
وأن مسيحك واقف على الصليب ومنتظر أن يقيمك ... 
وهو المُسَكِّن في بيت أم أولاد فرحة ... يعطيها الله أبناء ... 
أي التائب يصير له ثمار
التائب يجب ألا ييأس أبدا
المسيح مات على الصليب وزراعاه مفتوحتان ... يدعو كل إنسان للتوبة
الرجاء هو حبل نازل من السماء يجب أن نمسك فيه
باب التوبة دائما مفتوح لا يغلقه إلا موت الانسان
إن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم
الله منتظر توبتك

من أوائل الكلمات التي كرز بها السيد المسيح كما في انجيل معلمنا مرقس ... 
"قد كمل الزمان وقرب الوقت فتوبوا وآمنوا بالانجيل"
إعرف أن قلب الله متسع جدا ... وهو منتظر توبتك ... أبوته متدفقة نحو الانسان
تدفق فيض محبة الله نراه بصورة جميلة في مثل الابن الضال
إعلم أن الله يستطيع أن يغفر خطاياك السابقة كلها

كان شاول الطرسوسي قاسي القب ... وفي الوقت المحدد ظهر له في الطريق إلى دمشق
وقف شاول على أول طريق التوبة عندما صرخ إلى الله : يا رب ماذا تريد أن تفعل
وتبدأ توبة الانسان الحقيقية عندما يصرخ إلى الله : يا رب ماذا تريد أن أفعل
هنا يبدأ طريق التوبة

بطرس الرسول أخطأ وأنكر ... وقرر أن ينصرف إلى مهنته السابقة ... أما مسيح الحب يظهر في معجزة صيد 153 سمكة ... في إنجيل يوحنا ثم يدعوه : "أتحبني" ثلاث مرات ... 
وكأنها ضغطات الحب لكي يستيقظ من غفلته لكي يصير كارزا وينال إكليل الشهادة

التوبة فرصة ثانية
المرأة التي أمسكت في ذات الفعل
أعطاها الله فرصة ثانية
إما أن تمسك فرصة التوبة أو تضيع منك

أحيانا يعطي الله الانسان هذه الفرصة في الساعات الأخيرة من حياة الانسان .... 
مثل اللص اليمين الذي يقال عنه أنه سرق الملكوت
الفرص التي تمنحها محبة الله للانسان لا تنتهي
الله دائما يعطي الانسان هذه النعم من أجل توبته ... 
الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون
هو ينتظر على المجيء الثاني لعل الانسان يتوب

زكا مثال ... إصطادته نعمة المسيح ... عند شجرة الجميز التي تشير إلى الصليب
كذلك الانسان الذي صار له 38 سنة مطروح على البركة
سأله أتريد أن تبرأ؟؟؟ بعد 38 سنة

ومازال هذا هو نداء المسيح لكل إنسان ...
أتريد أن تبرا ... أتريد أن تبدأ من جديد
إن كنت في فتور أو بعد أو نسيان أو غفلة
لتكن هذه الليل بداية لتوبتك
وإن أردت ... سيريد هو أيضا وسيمنحك عطايا كثيرة
وسيعطيك معونة على اتمام التوبة

الحضن الذي أخذه هذا الابن الضال عندما عاد إلى بيت أبيه أزال منه كل الجوع وكل القلق
حضن أبيه كان هو النعمة التي كسبها من وراء توبته
لنفرح ونعيش بهذه التوبة على الدوام ...

لالهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

Wednesday, October 2, 2013

الخبزة الثانية: الصلاة - لقاء حب

ملخص محاضرة قداسة البابا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 2 من أكتوبر سنة 2013 

سلسلة تأملنا في معجزة اشباع الجموع، وكيفية إشباع الله لنا الآن ...
في الاسبوع الماضي تأملنا في الخبزة الأولى : الكتاب المقدس

واليوم الخبزة الثانية:

الصلاة لقاء محبة

نقرأ لأجل تعليمنا المزمور 42
Psa 42:1  لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. قَصِيدَةٌ لِبَنِي قُورَحَ 
كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ هَكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. 
Psa 42:2  عَطِشَتْ نَفْسِي إِلَى اللهِ إِلَى الإِلَهِ الْحَيِّ. مَتَى أَجِيءُ وَأَتَرَاءَى قُدَّامَ اللهِ! 
Psa 42:3  صَارَتْ لِي دُمُوعِي خُبْزاً نَهَاراً وَلَيْلاً إِذْ قِيلَ لِي كُلَّ يَوْمٍ أَيْنَ إِلَهُكَ 
Psa 42:4  هَذِهِ أَذْكُرُهَا فَأَسْكُبُ نَفْسِي عَلَيَّ. لأَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ مَعَ الْجُمَّاعِ أَتَدَرَّجُ مَعَهُمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ بِصَوْتِ تَرَنُّمٍ وَحَمْدٍ جُمْهُورٌ مُعَيِّدٌ. 
Psa 42:5  لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ ارْتَجِي اللهَ لأَنِّي بَعْدُ أَحْمَدُهُ لأَجْلِ خَلاَصِ وَجْهِهِ. 
Psa 42:6  يَا إِلَهِي نَفْسِي مُنْحَنِيَةٌ فِيَّ لِذَلِكَ أَذْكُرُكَ مِنْ أَرْضِ الأُرْدُنِّ وَجِبَالِ حَرْمُونَ مِنْ جَبَلِ مِصْعَرَ. 
Psa 42:7  غَمْرٌ يُنَادِي غَمْراً عِنْدَ صَوْتِ مَيَازِيبِكَ. كُلُّ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ طَمَتْ عَلَيَّ. 
Psa 42:8  بِالنَّهَارِ يُوصِي الرَّبُّ رَحْمَتَهُ وَبِاللَّيْلِ تَسْبِيحُهُ عِنْدِي صَلاَةٌ لإِلَهِ حَيَاتِي. 
Psa 42:9  أَقُولُ لِلَّهِ صَخْرَتِي: [لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟ لِمَاذَا أَذْهَبُ حَزِيناً مِنْ مُضَايَقَةِ الْعَدُوِّ؟] 
Psa 42:10  بِسَحْقٍ فِي عِظَامِي عَيَّرَنِي مُضَايِقِيَّ بِقَوْلِهِمْ لِي كُلَّ يَوْمٍ: [أَيْنَ إِلَهُكَ؟] 
Psa 42:11  لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ تَرَجَّيِ اللهَ لأَنِّي بَعْدُ أَحْمَدُهُ خَلاَصَ وَجْهِي وَإِلَهِي.

المزمور 42 يتكلم عن النفس المشتاقة للوجود مع الله . وهو واحدة من أروع القصائد الروحية في سفر المزامير. يصور شخصاً متألما في داخله، لكنه فرحان في وجوده في معية الهه، وهو ملآن بروح الرجاء، الروح الرئيسية في الصلاة

الصلاة لقاء حب بين الله والانسان
وهي لقاء طوعي اختياري، ليس فرضا وليس واجبا، وليس من المحتم أن تصنعه، ولكنه لقاء حب. له ثلاثة محاور:

1. فيه تحرر من كل شيء: عندما تدخل في الحضرة الالهية يجب أن تتحرر من كل شيء. وهذا التحرر ليس عملية سهلة ولكن بها جهد، ويوصينا الآباء أن نستعد للصلاة قبل البدء بها، ومن أبسط هذه الاستعدادات، ترنيمة أو لحن قصير قبل الصلاة

2. فيه مواجهة Interview ، وهذه المواجهة الصغيرة في الصلاة وتكرارها في حياة الانسان، يستعد بها الانسان للقاء يوم الدينونة. 

3. لذلك تسمى الصلاة مقابلة حية. حرب عدو الخير الرئيسية في هذا الزمان هي الانشغال. القديس مار اسحق يقول: جاهد أن تدخل حجرتك الداخلية (قلبك) وسوف ترى حجرة السماء (الملكوت).

أبعاد اللقاء في الصلاة:

1. تعبير عن المحبة: القلب الذي يتجدد بنعمة الصلاة على الدوام، يمتلئ بمحبة الله. حتى يعشق الله، وقد يأخذ هذا اللقاء صورة الحوار، أو المناجاة، أو التسبيح ... الخ، فهو تعبير عن الحب، والحب يحتاج إلى وقت، وبدون وقت ليس له معنى. 
قصة:
كان فلاح يعيش في قرية بجوار دير
كان يدخل كل يوم إلى كنيسة الدير يجلس بعض الوقت في الصف الأول بعض الوقت وينصرف. وقد لاحظ رئيس الدير أن أيقونة السيد المسيح تبتسم عندما يحضر هذا الفلاح.
فسأل رئيس الدير الفلاح ماذا تفعل في الكنيسة كل يوم؟
فقال الفلاح البسيط: أنا أدخل إلى الكنيسة وأجلس: أتطلع إليه وهو يتطلع إليّ

2. التذكار الدائم - الوجود في الحضرة الالهية – قد يتطرو حتى يصل إلى مرتبة عالي تسمى "الدهش" أي أن يصير الانسان مسبيا بكليته في الله.

3. تطابق المشيئة: أضع كل شيء في يد الله، وأقول له إفرز كل ما فيّ وأزل منه كل ما هو ليس حسب مشيئتك. فتصبح حياتي وصلاتي متداخلتان. "لتكن مشيئتك" الانسان الروحي هو انسان الصلاة. عندما يوجد الانسان في جو الصلاة الحقيقية يشبع، حتى أن هذا الشبع يأخذ ملمحا جسديا. فيشبع جسديا ايضا من فرحه بالصلاة. 

طبيعة الصلاة

1. أهم شيء أن يعيش الانسان في حالة صمت، صمت مادي، وصمت تفريغ العقل قبل الصلاة بالهدوء والصمت والتأمل والتأني. فترات صمت حتى في القداس

2. احترام وتوقير ومهابة أثناء الصلاة

3. حرارة: أن يصنع الانسان الصلاة برغب وحماسة ... ويحتاج هذا أن يعيش الانسان في حالة توبة ... حرارة روحية، ومشاعر منسكبة، ودموع. ... ربما دقائق قليلة بحرارة روحية أثمن أمام الله من كثير بدون حرارة. الله لا ينظر إلى القلق الذي نقدمه لكنه ينظر إلى المشاعر التي نقدمها

نتائج لقاء الصلاة

1. تنفتح أعين الانسان على عيوبه ... قد تختفي في قلب الانسان بعض الضعفات ... في الصلاة الحقيقية: الله – الطبيب الحقيقي – يظهر للانسان ضعفاته ونقائصه. ولكنها بروح الرجاء. فيبدأ الانسان يتقدم لتوبة، ويحنن قلب الله ... 
مثل خطية قلة المحبة ... "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى ... أذكر من أين سقطت وتب" ... 
لما يرى الانسان ضعفاته يتضع فلا يتجبر بأي صورة من الصور على اي انسان آخير... أسكب كُلّيتك في الصلاة وأنت تحصل على لذة الصلاة" (مار اسحق)

2. يحدث نوع من الاستبدال: تعطي الله حزنك وتأخذ فرحه، 
تعطيه ضعفك وتأخذ قوته، 
تعطيه كبرياءك وتأخذ إتضاعه" 
وهي عملية جميلة مثل عملية استبدال العملة في البنك. 
"بالنهار يوصي الرب رحمته، وبالليل تسبيحه عندي صلاة لاله حياتي" (مز 42: 8)
تأخذ رحمة الله أثناء عملك (النهار) وترد الجميل بالصلاة بالليل.

3. الاستعداد: في كل مرة تصلي تستعد لملاقاة الرب في اليوم الأخير. العذارى الحكيمات والجاهلات – في صلاة نصف الليل – الحكيمات كانوا في حالة صلاة أي استعداد. أما الجاهلات فأضاعوا أعمارهم وأضاعوا أيامهم وفقدوا روح الاستعداد أي روح الصلاة. فكأن الانسان الذي يصلي يصير من الحكيمات، والذي يهمل الصلاة يصير من الجاهلات. 



أي شكل من أشكال الصلاة هو لقاء حب تعبر به عن حبك لشخص الرب يسوع، وتشعر مثل احساس طفل صغير يلهو في حضن أبيه. ويبادلك الله نفس المشاعر.
 ربما تتذكر أيوب الصديق وهو يقول في نهاية إختباره: "بسمع الأذن سمعت عنك والآن رأتك عيناي"
الصلاة لها فعل الشبع 
الصلاة خبزة اجتهد أن تتناولها باستمرار
إقرأ مزمور 42: "عطشت نفسي إليك يا الله الحي ... متى أجيء وأتراءى أمام الله"
الاشتياق للاختلاء بالحبيب
عطشت نفسي إلى الله الاله الحي
صارت لي دموعي خبزا نهارا وليلا
إجعل هذا المزمور هو روح الصلاة
إبدأ بداية جديدة
مع بداية عاد جديد ابدأ بداية جديدة ورتب حياتك ورتب وقتك
الصلاة أيضا تحتاج إلى نظام والتزام ووقت
يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا مرضية أمامه
له المجد إلى الأبد آمين