Thursday, December 12, 2013

الديانة الطاهرة


الديانة الطاهرة النقية عند الله (4 من ديسمبر 2013)
ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 4 من ديسمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
تحل علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين

أقرأ لأجل تعليمنا فصل من رسالة معلمنا يعقوب الرسول
(الأصحاح الأول من عدد 19 : 27)

إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعاً فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئاً فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئاً فِي الْغَضَبِ،
لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ.
لِذَلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرٍّ. فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ.
وَلَكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ.
لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعاً لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِراً وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ،
فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ.
وَلَكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ - نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ - وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعاً نَاسِياً بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهَذَا يَكُونُ مَغْبُوطاً فِي عَمَلِهِ.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هَذَا بَاطِلَةٌ.
اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللَّهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين ...

في نهاية هذا العام الميلادي ... شهر ديسمبر ... وفي فترة الصوم ... يجب أن نراجع مبادئنا الروحية ... المبادئ الروحية للانسان المسيحي
ومن الجميل في الكتاب المقدس أنه يقدم تعريفات محددة للموضوعات الكبرى
فمثلا : ما هي المحبة : نجد الاجابة في (1 كو 13) تعريف واضح جامع ومانع للمحبة
ومثلا في (عبرانيين 11) نجد تعريف للايمان
وأهمية التعريفات المحددة هي أنني أستطيع أن أقيس عليها نفسي
وأحد أهم هذه التعريفات : تعريف الديانة الذي نجده في رسالة معلمنا يعقوب

ثلاثة مفاتيح للديانة :

المفتاح الأول :
رسالة معلمنا يعقوب الرسول تعتبر من أدب الحكمة
من أكثر الموضوعات التي تشغل بال الانسان في حياته على الأرض هو الكلام
نجد الاصحاح الثالث من هذه الرسالة يتكلم حديثا وافيا عن الكلام

إن كان أحد فيكم يظن أنه دين ... وهو ليس يلجم لسانه بل يخدع قلبه ... فديانة هذا باطلة

قد يكون الانسان مسيحيا من خلال رقمه القومي أو إسمه
ولكن مفتاح الديانة الحقيقية أمام الله هو الانسان الذي يلجم لسانه
أي يأخذ باله من كلمه يقولها ... وهذه هو المفتاح الأول والأصيل للديانة
الأنشطة التي يعملها الانسان كل يوم متعددة يأتي على رأسها
الكلام ... والاستماع ... والكتابة ... والقراءة ...
هؤلاء أهم أربعة أنشطة يعملها الانسان كل يوم
المفتاح في ديانة كل انسان هو أن يلجم لسانه
إعلم أنه "بكلامك تتبرر وبكلامك تدان"
ولن يستثنى من هذه القاعدة أحد !!!

المفتاح الثاني :
الديانة الطاهرة النقية عند الله
لكي يحيا الانسان هذا المفهوم لا بد أن تعرف أن البشر على أنواع ثلاثة
1. الانسان الطبيعي ... يحيا المبادئ الانسانية ... سيد الخليقة ... عنده أخلاق ... يعيش في أي مجتمع بالطبيعة الانسانية ... هذا الانسان يحاول أن يجاهد ولكن بدون نعمة ... لذلك لا يجد تعزية
2. إنسان ينحدر عن طبيعته الانسانية إلى المستوى الجسداني ... حب الشهوة ... حب القنية ... حب التطلع والمناصب ... والخطأ والارهاب والجريمة والعنف ... هذا لأنه إنحدر عن إنسانيتة ... وهذه الانسان لا يرتبط لا بجهاد روحي ولا بنعمة ... لا يأخذ نصيبا من النعمة ...
3. إنسان روحاني ... الروح هو الذي يقودة ... يعيش حياته ممزوجة بين جهاده الروحي وبين النعمة الالهية ... جهاد روحي ... صلوات ... أصوام ... قراءات ... خدمة ... انسان صاحب جهاد ... ولكن هذا الجهاد ممزوج بالنعمة الالهية ... لذلك فهو دائما فرحان ... أحد القديسين قال : إن رائحة عرق الصلاة أزكى من البخور ... فهو انسان ملتوت بالنعمة ... ممزوج بالنعمة ... ممسوح بالنعمة ... وعلامته أنه دائما فرحان ... ويشعر دائما بقيادة الله لحياته ... "لتكن مشيئتك"

الديانة الطاهرة النقية عند الله تحتاج هذا الانسان الروحاني
إرتقي بحياتك
الأصوام هي الفرصة المناسبة للمراجعة والتقدم
لا تبدأ صوم وتنهيه بدون أن تكون قد تغيرت فيه
فترات الصوم هي فترات تغيير للأفضل
ترك لخطية ... إضافة لفضيلة ...
القداسة هي من الداخل ...
وصية ربنا : "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء"
نفس المعني يقوله بولس الرسول : " أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"

المفتاح الثالث :
جناحين يرفعوا الانسان لكي يصير انسان روحاني
الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه ... إفتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ...
وهذا هو الجناح الأول ...
مقياس : هل تفتقد يتامى وأرامل ؟ هل تساعدهم ؟ ليس ماديا فقط ... بل كل أعمال المحبة ... وابسطها أن يسأل عنهم ...
لكي تكون ديانة الانسان طاهرة نقية يجب أن تفتقد كل من في ضيقة
في مجتمعنا المصري كثيرون محتاجون
ليس فقط الاحتياج المادي ... وإن كان هذا مهما جدا ...
ولكن أيضا إحتياجات الخدمة والمحبة ...

في دولة غربية (السويد)
كل انسان عنده وقت يسجل في بلدية المدينة ... ويجمعوا هذه الأوقات
وفي المقابل تتجمع احتياجات لناس ... مريض ... مسن ... وحيد ...
ويوزعوا الناس الذين لديهم أوقات على الناس الذين لديهم احتياجات ...
زرت مرتين انسان مريض معاق ... ووجدت عنده في المرتين شخصين مختلفين يقومون بخدمته شخص في كل مرة ...
لا يعمل فيه غير اصبع قدمه الكبير فقط ... فصمموا له كمبيوتر خاص وماوس خاص ... وأخذ هذا الشخص جائزة كبيرة لأنه إستطاع أن يحول سفر النشيد إلى سيمفونية ... وهو معوق إسمه (ماتز)
يخدمه أفراد متعددين يقدمون وقتا ... أتمنى أن نظاما مثل هذا يوجد عندنا

في جتمعنا توجد طاقة شبابية كثيرة ضائعة ... ويوجد عدد من البشر يحتاج حتى مجرد مكالمة تليفون ...
وإذا لم يسأل عنه إنسان يصير غريبا ... والمعاناة النفسية معاناة شديدة ..
إذا أردت أن تعبر أن لك ديانة حقيقية طاهرة نقية ... يجب أولا أن تفتقد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ...
ليس مجرد زيارة ... توجد احتياجات أكثر الحاحا ... وأكثر عمقا ...
أدعوك أن تبحث عن هؤلاء ... وكيف نخدمهم ...

مثلا الأم أو الأب الذي عنده طفل لديه إعاقة ذهنية أو جسدية ... هو يعاني من عبء ثقيل جدا ...
ما رأيك أن تريحه ساعتين أو ثلاثة كل يوم
وهذا بدلا من أن تضيع وقتك في لا شيء

يوجد في قلبي حزن ... وخسارة أنه يوجد إنسان في أشد الاحتياج لطاقتك هذه
مثلا المطروحين بأمراض شديدة أو مزمنة ...
مع هذا الصوم لا بد أن يوجد في حياتك هذا النوع من الخدمة ... لكل أحد ... ولا تكتف بالقشور ... أدخل إلى العمق ...

الجناح الثاني :
حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
الأولى مسئولية خارجية وان كانت تنبع من القلب ...
ولكن الثانية مسئولية شخصية ... حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
كتبت هذه الرسالة في القرن الأول الميلادي قبل كل وسائل الاتصال الحديثة ...
ولكنه يقول حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
العالم قد وضع في الشرير ... وأنت لك مسئولية شخصية عن نفسك
والشر كان زمان كان محدودا ... لكنه الآن غير محدود ... ومتاح بأي وسيلة ...
في التاسعة نقول ... أمت حواسنا الجسمانية ... أي أمت الشر الذي فيها
الحواس كما هي مداخل للمعرفة ... هي أيضا مداخل للشر
إرادة الله هي قداستكم
وبهذه القداسة يستطيع أن يعاين الله
القديس يوحنا الدرجي يقول : "الإنسان الطاهر هو الذي يطرد الحب بحب ... هو يطرد حب الدنس أو الخطية أو الشهوة ... بحب آخر أسمى منه " ...
توجد في قلبك محبات كثيرة
ولكن يجب أن يتدرب الانسان على الابتعاد عنها فترات
مهما تعاظمت اختراعات الانسان ستبقى للتراب وللأرض فقط
إحترس أن تكون هذه النهضات العلمية سبب لدنس في العالم
لو كان أحد القديسين مثل بولس الرسول منشغلا بأشياء مثل التي في ايدينا اليوم ... أجهزة عديدة ... هل كان يستطيع أن يقول
لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا
صار الانسان غارقا في الدنس
قدس حواسك ... ضع حارسا لحواسك
إهرب من المشاهدة الضارة أو المكان أو الشخص
السمع : تجنب مجالس المستهزئين :
التذوق الصوم
اللمس : إهرب من الأماكن المزدحمة واحفظ نفسك عفيفا
الشم : إحفظ نفسك من بعض الروائح المثيرة أو المتعبة أو المغالاة في التزين والتنعم بصفة عامة
إمزج جهادك بنعمة الله ...
أوعدك مع اقتراب عام جديد أن أبدأ معك بداية جديدة
أن تكون ايماني وديانتي ومسيحيتي تكون طاهرة وحقيقية
وأن يكون لي هذين الجناحين
إفتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وكل من شابههم في الضيق
وحفظ الانسان نفسه بلا دنس !!!

لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

Monday, December 2, 2013

فضيلة الملامة

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 27 من نوفمبر سنة 2013 م

فضيلة الملامة

بسم الآب والإبن والروح القدس الاله الواحد آمين
تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين

أقرأ لأجل تعليمنا فصل من إنجيل معلمنا (لوقا 6 : 45)

اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ. 
وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ 
كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ 
يُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتاً وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. 
وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ فَيُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً وَكَانَ خَرَابُ ذَلِكَ الْبَيْتِ عَظِيماً». 

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

نتكلم اليوم عن أحد الفضائل التي تجعل الانسان يسمع
ليس سمع الأذن بل السمع الداخلي ... الجواني ... القلبي ...
يسمع ويعمل ...
أحد الفضائل التي تساعد الانسان على السمع الداخلي الصحيح : فضيلة الملامة
وتحكي لنا قصص الحياة الرهبانية عن القديس الأنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك ... وكان يحب الصمت ... وكان معلما لأولاد الملوك قبل بدايته للرهبنة 
في ذات مرة أحب البابا ثيئوفيلس (الـ 23) أن يأتي لزيارته ... 
وقال له : قل لي كلمة منفعة
وكلمة المنفعة هي كلمة تحمل قوة الاختبار وقوة الحياة ...
أجاب القديس أرسانيوس :
 "ليس أفضل من أن يرجع الانسان بالملامة على نفسه في كل شيء" ...

أحيانا تظهر عند الإنسان خطية أو ضعف أو تقصير معين ... ولكنه لا يقدر أن يقول كلمة : أخطيت ...
أو متأسف ... وذلك لأن قلبه لا يلومه ... لا يستطيع أن يعيش فضيلة الملامة ...

أولا : تؤدي بك إلى توبة حقيقية : ...
يحتاج الانسان أن قلبه الحي وضميره الحي أن يلومه ... لكي يسمع ويعمل ...
ولما يلومه ... تكون هي الخطوة الأولى للنجاح الروحي ...
وهي خطوة التوبة
مثال : ...
القديس داود النبي كان نبيا عظيما وصاحب جاه وسلطان وملكا ... 
ووقع ليس في خطية واحدة بل خطيتين ...
فبدأت مشاعر التوبة تتحرك فيه ... عندما حدثه ناثان النبي
وكتب لنا : ... مزمور التوبة ...
إرحمني يا الله كعظيم رحمته ... 
لك وحدك أخطأت ...
تشعر في هذا المزمور الذي دونه داود بدموعه ... بأنه يلوم نفسه ... أمام الله ...
أما الفريسي يقارن نفسه بالعشار ... ولكن داود يلوم نفسه أمام الله ...
الفريسي يتقدم إلى الأمام ...  العشار يبقى في الخلف
الفريسي أصوم يومين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه ... 
يقيس نفسه على خاطيء مثله .... لذلك لم يقدم توبة

لكي تقدم توبة يجب أن تقيس نفسك على قامة السيد المسيح نفسه ... فتجد نفسك صغير جدا وضعيف جدا ...
لذلك قال السيد المسيح : "كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل"
إن كنت للآثام راصدا يا رب من يثبت ...
لكي تتحرك مشاعر التوبة في الانسان ويستمع إلى الوصية 
ينبغي أن يبدأ بالملامة

معلومة هامة جدا
صوم الميلاد يركز وبشدة على موضوع السمع ... وكأنه يريد ان يصلح السمع الروحي في الانسان
أما الصوم الكبير فيركز وبشدة على العين ... وكأنه يريد أن يصلح العين الروحية في الانسان
وكلاهما (العين والأذن) يصب في القلب ...

ليس أفضل من أن يرجع الانسان بالملامة على نفسه ...
حينئذ تبدأ مشاعر التوبة 
طالما أنت ناظر إلى نفسك أنك جيد ... وتقيس نفسك على من حولك

يتساءل البعض : لماذا لا نتغير ؟؟؟
بسبب "عدم وجود "فضيلة الملامة"

عندما سأل الله حواء ... رجعت بالملامة على الحية
وآدم : رجع بالملامة على حواء ...

عندما تسقط في شكل من أشكال الضعف أو الخطية : لا تبحث إلى عن نفسك وتلومها 

قس نفسك دائما على قامة السيد المسيح
لما تنجح في أن تلوم نفسك تكون النتيجة أنك تقدكم توبة حقيقية
من قصص القديس موسى الأسود أنه لما دعي لمحاكمة أحد النساك
حضر وهو يحمل شوال من الرمل الذي يتسرب من وراء ظهره : 
وقال هذه خطاياي وأنا لا أراها ... فقد رجع بالملامة على نفسه ...

الخطوة الأولى إلي التوبة : هي أن ترجع بالملامة على  نفسك
الشاب الغني : سأل السيد المسيح بمنتهى الأدب وهو جاثي أمامه
ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟ ...
قال له يسوع إحفظ الوصايا ... أجاب : حفظتها منذ حداثتي ...
ففرح به المسيح وقال : (الحكاية قربت)
فقال له : إذهب بع أملاكك وأعط الفقراء 
فمضى حزينا ... لأنه كان ذا أوالا كثيرة ...
لأنه لم يرجع بالملامة على نفسه ... (فعلا أنا عندي محبة المال)

هاتور 3 ىآحاد تقول لنا الكنيسة من له أذنالن للسمع فليسمع
والأحد الرابع : الشاب الغني
لم يلم نفسه ... أنا فعلا مرتبط باموالي أكثر من اللازم
إذا كنت مرتبطا بــ ...
شهوة معينة ... شخصية معينة ... ضعف معين ... إرجع بالملامة على نفسك !!!
أحيانا تمارس سر الاعتراف دون أن تلوم نفسك
يعطيك أب إعترافك وقت : تحكي الخطية أو الضعف أو القصور في حياتك
يا ترى هل في لوم حقيقي داخلك
عندا تعرض للخطية الشديدة : قال : "كيف أصنع هذا الشر العظيم ,أخطي إلى الله"
قلب صاح يلوم ذاته
لذلك لن أفعل (يوسف الصديق)
فضيلة الملامة تؤدي إلى توبة حقيقية 
.........................................

ثانيا :  فضيلة الملامة جعلك تقتني نفسك
بصبركم تقتنون أنفسكم
في البيت الواحد كل واحد يساعد الآخر لكي يقتني نفسه ولا يضيع
مثال: القديسة مونيكا وإبنها أوغسطين
داود النبي ... النموذج الرائع لتوبته من خلال المزمور الخمسين : لأنه نجح في أن يمارس التوبة الحقيقية
واحد يدعي التوبة والاعتراف ... يخدع نفسه ... لكن الممارسات الشكلية لا تؤدي إلى الملكوت
"الشكليات لا تبني الملكوت"
عندما تجلس في مجلس يمدحونك فيه ... تذكر خطاياك ولم نفسك من الداخل
..........................................

ثالثا : الانسان يستطيع أن يكسب الآخرين بهذا الفضية
الانسان الذي يبرر ذاته دائما لا يستطيع أن يكسب الآخرين

ذات مرة كنت أصلح بين خدام كنيسة ما وبين الكهنة
كلما يقول واحد من الشباب شيء ... يبادر الكاهن بتيرير ذاته
فجلسنا ساعتين ولم نخرج بشيء
لكنه لو جاء بالملامة على نفسه ... لانحلت المشكلة ... معلش لم أكن واخد بالي
احترس دائما من تبريرك ذاتك لئلا تفقد الآخرين الذين حولك ...

زوج وزوجة ... كل واحد يبرر موقفه ... وكل واحد يوجد أسباب
واحد يأتي لي ويحكي لي مشكلة كبيرة بها أطراف كثيرين ... فأسأله :
وأنت : ما هو خطأك أنت : يقول لي : ما عنديش خطأ
أرد عليه قائلا : وأنا ما عنديش حل ...

أحد وسائل كسب الآخرين ... أن تتعلم أن تلوم ذاتك ... قصرت ... ما أخدتش بالي ... فات علي ...
......................................

رابعا : تمنحك نعمة رضا الله
ربنا يعطيك نعم كثيرة لأنك تستطيع أن تلوم نفسك
توجد كلمتين تساعد الانسان على الحياة الصحيحة 
أخطيت ... وحاضر
وهما كلمات حلوتان في وقعهما على الأذن
وهما الذان يربطان الحياة الصحيحة بالاتضاع والطاعة
إعمل كدة : حاضر ...
ليه عمل كدة : أخطيت ...
بدون جدل كثير لا يؤدي إلى حل المشاكل

سئل ذات مرة أنبا باخوميوس أب الشركة : ما هو أجمل منظر رأيته ...
أجاب هو منظر الانسان المتضع ... 
لأن في قلبه عمل الاتضاع والطاعة وهما مبنيان على الملامة
....................................................

إجتهد في كل يوم وبالذات ايام الصوم
آخر السنة
كيهك
تسابيح
في هذه السهرات قس نفسك على قامة أمنا العذراء مريم
أوعى يجيلك إحساس : العذراء مريم هي قامة كبيرة كيف |أصل إليها
إجتهد
قامة السيد المسيح
قامة السيدة العذراء
وعندما تجد نفسك قليلا صغيرا ... إجتهد لكي تكبر

بطرس أنكر المسبيح ... خرج وبكى بماءا مرا
أنبه ضميره
ووصل إلى حالة من حالات اليأس
وفي النهاية ظهر له السيد المسيح مع التلاميد كما في (يوحنا 21 ) 
وسأله : لكي يحرك فيه روح الملامة
أتحبني وثانية وثالية
أجاب : يا رب أنت تعلم يا رب اني احبك
قلبي وضميري سيكونان في منتهى الشفافية والنقاوة
بسبب فضيلة الملامة 
متى فعلتم كل ما أمرتم به قولوا إننا عبيد باطلون لأننا عملنا ما يجب علينا
إياك أن تفتخر
لكن إرجع بالملامة على ذاتك
لكي تتغير وهتبدأ عام جديدة بقلب جديد وروح جديد وفكر جديد
وتكون سنة نقية وفيها شفافية في حياتك الخاصة 

ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

(الصورة منقولة وليست من إنشائي)


ملحوظة: عند قراءتك كلمات قداسة البابا تاوضروس الثاني ... تذوق الحب الذي يقطر منها

للملخصات السابقة لعظات قداسة البابا يوم الأربعاء ... فضلا إذهب إلى هذا الرابط
http://pope118.blogspot.com/

Wednesday, November 27, 2013

صوت الله


ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 20 من نوفمبر سنة 2013 م

صوت الله ...

أقرأ بنعمة الله فصلا من سفر الرؤيا

وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ اللَّاوُدِكِيِّينَ: «هَذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ.
أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أَوْ حَارّاً.
هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي.
لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ.
أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَاباً بِيضاً لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ لِكَيْ تُبْصِرَ.
إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُوراً وَتُبْ.
هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.
مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضاً وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ.
مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين
شهر هاتور شهر الزرع في شهور السنة القبطية
وتختار الكنيسة هذه العبارة بصفة خاصة في شهر هاتور
وفي قراءات الآحداد تتكرر هذه العبارة في الأحاد الأول والثاني والثالث
وفي الأسبوع الرابع قصة مقابلة الشاب الغني مع السيد المسيح ... وكان هذا الشاب متعلقا بأمواله ... فلم يستمع للسيد المسيح !!!

أريد أن أتحدث معكم في هذه الليلة عن
صوت الله
ها أنا واقف على الباب وأقرع ... ان سمع أحد صوتي
عنصر الارادة
الكتاب المقدس يمتلئ بفعل السمع أو الاستماع
تثنية 30 : 20 إذ تحب الرب إلهك
1صم 15 : فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب ... هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة ... والاصغاء أفضل من شحم الكباش
مزمور 29 صوت الرب بالقوة
مزمور 66 : ان راعيت اثما في قلبي ...
اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم

خلاصة هذه الآيات (وهذه فقط بعض الآيات) ... أنه يوجد صوت لله ... الله يتكلم
أميلوا آذانكم وهلموا الي ... إسمعوا فتحيا نفوسكم وأقطع لكم عهدا ابديا (اشعياء 55

فعل السمع تكرر كثيرا في الكتاب المقدس
السمع ... الطاعة ... الطاعة من اولويات الانسان المسيحي

ماذا يعني سماع صوت الله
1. يستجيب له في داخله ايمانيا ... رغم أن الأحداث المحيطة لا تدل على ذلك ... أبونا ابراهيم "أترك أرض وعشيرتك ..." ... أذهب للمجهول عند البشر ... المعلوم عند الله .... سافر رحلة طويلة في دروب الصحراء ... كان ممكنا ان يشك في صوت الله ... ولكنه إستمر حتى وصل ...
2. يفتح قلبه لما يسمعه .... من الأمثلة الواضحة ليديا بائعة الارجوان ... كانت سيدة أعمال ... كانت في قمة السلم الاجتماعي في مدينة فيلبي ... ولكنها فتحت قلبها لما سمعت من بولس الرسول واقتبلت ما تعلمته منه وصارت أول مؤمنة في مدينة فيلبي ... فعل الفتح أو الغلق للقلب هو فعل إرادي ... من إرادة الإنسان ...
3. العمل بما استمعت اليه ... الحياة المسيحية ليست مجرد فلسفات ونظريات وكلام حلو ... إنها حياة عمل وفعل ... بعد استماعك تبدأ تعمل بهذا الصوت ... كالفرق بين من بنى بيته على الصخر ومن بناه على الرمل ...

مشكلة الانسان هي عدم الاستماع
رغم ان لديه اذن جيدة وسمعها جيد تشريحيا وفسيولوجيا
وكانت هذه مشكلة اليهود أيام السيد المسيح مبصرين ولكن غير رائين ... مستمعين ولكن غير مستجيبين
متى 23 اصحاح الويلات ... يسمعوا ولكن لا يستجيبوا

ما هو صوت الله ؟؟؟
في العهد القديم كان دائما ومستمرا من أجل الارشاد والتوجيه
من خلال الشريعة المكتوبة ... مثل الوصايا العشر
أو من خلال الأنبياء المرسلين عبر طول التاريخ اليهودي ...
مثل إرميا النبي الباكي ... وسبب بكاؤه أنه ينقل رسائل من الله للناس ...
ولكنهم لا يسمعون ... بل أحيانا يهزأون بالكلام ... لذلك كان يبكي ...

في العهد الجديد استمر صوت الله يصل للبشر ولكن من خلال الروح القدس
فالأسفار المقدسة هي صوت الله ... ومن حظ الانسان أنه يجد صوت الله مسجلا كتابة ... إلى أن وصل إلينا
ومن خلال الكنيسة وآبائها ... لأن روح الله يعمل كل يوم
يصل صوت الله لنا من خلال الكنيسة

في العهد القديم سمع موسى صوت الله من خلال عليقة

في تاريخ الكنيسة استمع انطونيوس صوت الله من خلال قراءة شماس
حتى القديس أغسطينوس وهو كان انسانا بعيدا وعاش في الشر زمانا
استمع صوت الله بقوة عندما قرأ حياة أنطونيوس بقلم أثناسيوس
وجد أن صوت الله متجسدا في شخص القديس أنبا أنطونيوس ... وبدا يرجع ويتوب ... حتى أختير أسقفا زائع الصيت في التاريخ المسيحي

ما هي مواصفات صوت الله . كيف يكون لديك أذنا حساسة لسماع صوت الله
في المشغولية والضوضاء لا تستطيع أن تسمع كويس
الضوضاء تحرم الانسان من سماع صوت الله
1. قريب جدا ... قد يتكلم من أقرب انسان اليك ... طفل ... شريك حياة ... هو فعلا على الباب يقرع ... قريب ... وينتظر الاستجابة ... يشبه قرب صوت الله بكلمات الله القليلة وهو على الصليب ... عندما قال ... يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون .... اللص اليمين سمع هذا الكلام وتعجب ... وكانت النتيجة أن قال : أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك ... في القداس او اجتماع ... كن منتبها يقظا ... فقد تأي لك كلمات الله ,,, وممن في التفاته منك ... تضيع عليك الفرصة ... قريب للغاية ... قد يكون في مقابلة ... طبعا ليس أي كلمة نسمعها ... صوت الله يأتي اليك من شخص نقي ... الأطفال معبر جيد لصوت الله . التفت جيدا لكلام الأطفال ...
2. صوت مشتاق ... هو يشتاق أن تكون هناك استجابة ... "صوت حبيبي قارعا ... افتحي لي يا اختي يا حبيبيتي يا حمامتي يا كاملتي ... لأن رأسي قد امتلأ من الطل ... وقصصي من ندى الليل" ... اليل هنا يرمز للعمر كله ... الله طويل الاناة ... مش بيزهق بسرعة ... كم مرة قرع الله على باب قلبك ... الله يشتاق الى من يسمعه ,,,, لكن الانسان مشغول
هناك قرعات رقيقة ... مثل آيات من الانجيل ... أو عظة ... أو قراءات روحية ... أو البركات الزمنية المتعددة ... الصحة ... والنجاح ... الله يقولك لك أنا معاك ... وأباركك ...
كما توجد ايضا قرعات شديدة ... (البعض نومه ثقيل يحتاج إلى قرعات شديدة لكي يوقظه) مثل التجارب ... المرض ... المشاكل ... المتاعب ... كم مرة قرع الله على باب قلبك ... قرعات قد تكون شديدة ولكنها لخير الانسان
3. صوت الله مستعد أن يعمل معك جدا ... ومن حلاوة صوت الله أنه لا ينظر الى الماضي ... وسيعمل فورا ... زكا ... لن يعاتبك : "لماذا تأخرت" وهل تأتي إلي بعد أن أضأت سنوات عمرك " من حلاوة صوت الله أنه لا ينظر إلى الماضي ... الله سيفتح معك صفحة جديدة ... بمجرد ما صعد زكا إلى الشجرة : دخل بيته وخلصه من عبادة المال ...
أفعال صوت الله : ها أنا واقف على الباب وأقرع ...
أفعال استجابة الانسان : إن فتح إلي أحد ...
ماذا يصنعه الله وإستعداده للعمل : أدخل إليه وأتعشى معه ...
لم تكن توحد مواصلات ... ومن يصل إلى العشاء لابد أنه سوف يبيت ... إذن المسيح يقيم عنده

أسباب عدم سماع صوت الله : ...
1. واحد قلبه غليظ ... ليس به محبة ...
مثال : الشاب الغني ... أحس أن الوصية ثقيلة لا تتفق مع هواه ...
مضى حزينا ... ولا نعلم كيف إنتهت حياته
2. الكبرياء : أحد أسباب عدم سماع صوت الله : هو لا يرى إلا ذاته ... ولا يسمع إلا ذاته "الإنجيل ده بتاع المسيح" ليس أنا مثال : الكتبة والفريسيين المراؤون ... في قصة المولود أعمى مثلا ... جعلوا حققون في الأمر ... قال لهم في المرة الأخيرة ... لا أعرف غير شيء واحد : أنني كنت أعمى والآن أبصر
3. العناد ... وهو أمر مدمر ... إن كان في خادم أو في بيت أو في كنيسة ... واحد متشبث برأيه ولا يتحرك عنه ... تذكر قصة اسطفانوس وهو راكع أمامهم وهم يرجموه بتهمة التجديف ... أعطاهم درسا في الخلاص ... ولكن هذا زاد إشتعال عنادهو وغضبهم ... وبالرغم أنه كان بينهم واحد موافقا لرأيهم إلا أنها كانت مقدمة لخلاصه ...
4. الخوف والجبن ... مثال : بيلاطس ... عندما سلم المسيح لليهود ... حذرته إمرأته ... لم يستمع لها ... بسبب الجبن والخوف ...

الخلاصة : "إن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم "
لا تنسى أن صوت الله يأتيك بحب وبإشتياق ... وباستعداد للعمل ... فلا تهمل صوت الله ...
أحيانا نصلي بطريقة المرابعة ... خورس بحري وخورس قبلي ... فترات الصمت في التقليد المسيحي هي فترات لاستماع صوت الله
عندما تصلي في البيت أعط فرصة صمت لكيما تعطي فرصة لكي يتحدث إليك الله ...
صوت الله قريب جدا ... لا تدع أحد يشغلك أو يشتتك ... وتنسى الصوت الحقيقي وسط ضوضاء هذا العالم ...
وهذا يمهدنا لصوم الميلاد
وهو صوم ننهي به السنة الميلادية ونستقبل السنة الجديدة
ضع تدريبا لنفسك أن تسمع صوت الله خلال هذا الصوم !!!

ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

الصورة منقولة وليست من إنشائي ...

من له أذنان للسمع ... فليسمع !!!

Photo: ‎ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. 
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ. 
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ. 
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. 
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. 
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. 
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً. 
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. 
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ. 
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً. 
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ. 

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ... 
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير 
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة 
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم 
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ... 
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل : 
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 : 8)
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ... 
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ... 
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...      
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ... 
خدرت ضميره ... 
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ... 
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...           
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟  
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ      
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ... 
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ... 
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ... 
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ... 

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ...      فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ... 

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ... 
     
مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ... 
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ... 
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر .... 
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ... 
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ... 
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ... 
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ... 
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ... 
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم  ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ... 
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ... 
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة 

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون:  "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ... 
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ... 

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا... 
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ... 
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي 
وألتقط الكلمة النافعة لي 
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين‎
ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني

ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ.
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ،
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ.
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً.
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ...
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ...
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل :
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 :
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ...
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ...
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ...
خدرت ضميره ...
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ...
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ...
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ...
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ...
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ...

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ... فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ...

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ...

مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ...
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ...
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر ....
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ...
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ...
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ...
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ...
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ...
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ...
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ...
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون: "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ...
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ...

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا...
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ...
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي
وألتقط الكلمة النافعة لي
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

(الصورة منقولة وليست من إنشائي)

Thursday, November 7, 2013

السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 6 من نوفمبر سنة 2013 م

السمكة الثانية ... سير القديسين ... نماذج حب

أقرأ لأجل تعليمنا المزمور ... المزمور  رقم 150 – مزمور التسبيح
 هَلِّلُويَا. 
سَبِّحُوا اللهَ فِي قُدْسِهِ. 
سَبِّحُوهُ فِي فَلَكِ قُوَّتِهِ. 
 سَبِّحُوهُ عَلَى قُوَّاتِهِ. 
سَبِّحُوهُ حَسَبَ كَثْرَةِ عَظَمَتِهِ. 
سَبِّحُوهُ بِصَوْتِ الصُّورِ. 
سَبِّحُوهُ بِرَبَابٍ وَعُودٍ. 
سَبِّحُوهُ بِدُفٍّ وَرَقْصٍ. 
سَبِّحُوهُ بِأَوْتَارٍ وَمِزْمَارٍ. 
سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ التَّصْوِيتِ. 
سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ الْهُتَافِ. 
كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبَّ. هَلِّلُويَا.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين ...

بدأت معكم مع بداية السنة القبطية سلسة  تدريبات روحية لكل من يريد أن يعرف وأن يشبع في معرفته بربنا يسوع المسيح
كلمتكم عن الخمس خبزات في معناها الرمزي والروحي
والأسبوع الماضي كلمتكم عن السمكة الأولى قانون الايمان ... إعلان حب
السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

موضوعنا اليوم يدور عن القداسة والقديسين
اهتمام الكنيسة بسير القديسين قويا، وهو أحد التداريب الروحية الهامة في حياتنا
لا تخلو خدمة من سير القديسين
في التسبحة ، مجمع التسبحة ملان بالقديسين
الذكصولوجيات ... تماجيد للقديسين
الدفنار ... كتاب يحكي سير القديسين
تحليل الخدام ... نذكر فيه عدد من القديسين
مجمع القداس ... قائمة من القديسين ... ونبدأهم بأمنا العذراء
في وسط القداس الهيتينيات
صارت سير القديسين أحد العلامات المميزة لحياتنا ولكنيستنا

ما هي قيمة القديسين في حياتنا؟
1. القديسون هم شهود للحياة الأرثوذكسية ... في الطريق نحتاج أعمدة نور ... كل قديس هو بمثابة عمود نور ... يشهد للحياة الأرثوذكسية ... ويشهد للايمان الحي ... يوجد كثيرين على مدى عشرون قرنا ... ظهر قديسون كثيرون ... 
عندما نبني كنيسة على اسم القديس أثناسيوس الرسولي مثلا ... بلا شك هو تكريم لقداسة هذا القديس ... كما أننا أيضا نبني إيمان هذ القديس في قلب كل أحد يأتي إلى هذه الكنيسة ... نريد من كل أحد أن يصير مثل أثناسيوس الرسولي ... 
كنيستنا تحمل تاريخا طويلا ... القديس بولس الرسول يقول : 
"شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين" موكب كبير مثل أي موكب، ولكنه يعبر السنين والقرون، ويقف فيه كل انسان عاش في القداسة ... 
إحذر أن يفوتك هذا الموكب. عندما تشاهد موكب في الكنيسة تذكر على الفور الموكب الذي يؤدي إلى السموات.

2. القديسون هم أقوى مشجع للنفوس التي تسير في درب الرب ... لذلك في طقس الكنيسة ... ومن الابداعات في حياتنا الايمانية ... فان الصف الأول في الكنيسة ليس هو الصف المتجه للشرق ... ولكنه هم القديسون الموجودون في حامل الأيقونات ... ينظرون إلينا للتشجيع ... والتقوية ورفقة الطريق ... 
نقول في كل قداس : "إهدنا يا رب إلى ملكوتك" ... لابد أن نقولها من قلبنا ... 
كل واحد يذهب كل يوم في طريقة ... ولكن تذكر وأنت في أي طريق هذه العبارة : "إهدنا يا رب إلى ملكوتك" ... 
القديسون الذي نحتفل بهم عبر السنة هم أقوى مشجع، مثل أن تشجع طفل عمره 10 أو 12 سنة ونريه طالب متفوق في جامعة مرموقة ونقول له : كان مثلك طفل صغير ووصل إلى هذه الكلية بتفوقه واجتهاده ... 
لذلك من حرص كنيستنا أن نسمي أبناءنا وبناتنا أسماء قديسين، ولأننا أقباط نسمي أبناءنا أسماء قبطية ... ولكل إنسان نصيب في حياته من إسمه ...

3. القديسون هم نماذج للفضيلة ... الفضيلة تتجسد فيهم ... عندما نذكر القديس الأنبا إبرام أسقف الفيوم الأسبق ... تعرف أننا نتكلم عن فضيلة العطاء ... وقس على هذا ... 
القديس مار اسحق له تعبير لطيف : "شهية جدا هي أخبار القديسين في مسامع الودعاء ... وهي كالماء للغروس الجدد" ... 
عندما تحكي في البيت سير القديسين يكبر ابنك وبنتك مشتاقين لحياة الفضيلة ... 
كتاب السنكسار كتاب هام جدا في كل بيت ... ويجب أن تفتحه كل يوم وتقرأه يوميا، وتقصه على أطفالك كل يوم ... لكي يكون باب القداسة مفتوح أمام كل أحد ... 
نشبع بسير القديسين ... وهذا المقصود بالسمكة الثانية. نشبع بسير القديسين ...

مجموعات من القديسين : ...

أولا:  مجموعة من القديسين هم قديسي الكتاب المقدس
يسموا الشخصيات الكتابية
توجد اصحاحات ملانة أسماء مثل رومية 16 مثلا به أكثر من عشرين اسم
الشخصيات الكتابية منها ثلاثة أنواع

1. شخصيات وردت مرة واحدة فقط ... مثل موسى ... وقد ذكر اسمه أكثر من 700 مرة في الكتاب المقدس

2. شخصيات لها أسماء متكررة ... مثل "يوسف" يعني "يزيد في النعمة" ... يوسف الصديق في العهد القديم، وموقف العفاف الذي وقف فيه ... ويوسف النجار الذي كان مرافقا وحارسا للتجسد الالهي ... ويوسف الرامي الذي شارك في دفن السيد المسيح ... مريم العذراء ... مريم أخت موسى ...

3. اسماء عاشت في الظل : وان كان تأثيرها قوي جدا ... مثل برنابا ... أحد السبعين ... وقد كان رفيقا لبولس الرسول ... وقد ذكر مرتين أو ثلاثة في الكتاب ولكن كان له تأثير كبير في التاريخ إذ أنه هو  الذي قدم بولس الرسول لجماعة الرسل ... أيضا مردخاي الذي كان حارسا أو غفيرا ، ولكنه كان له تأثيرا كبيرا

ثانيا : شخصيات التاريخ الكنسي القديم :

1. إكليروس (نصيب الرب) آباء بطاركة أو أساقفة أو كهنة على رأس هؤلاء القديس مار مرقس الطاهر والشهيد ... يمثلوا أمانة الخدمة ... ومنهم القديس أثناسيوس الرسولي ... وهو الوحيد الذي حمل لقب الرسولي في بطاركة الاسكندرية ... ونحن نفتخر أننا ننتمي اليه وأنه قاد الكنيسة أكثر من نصف قرن ... وهو الذي دشن كاتدرائية مار مينا القديمة ... قبله بقليل كان البابا ديمتريوس الكرام ... الذي عاش بتولا مع زوجته ... وكان البطريرك الـ 12 ... وكان شخصا أمينا في الخدمة ... 

2. معلمين يمثلوا استقامة الايمان ... أو الفلاسفة ... الفلسفة في بداية المسيحية كانت هي الحاكمة في كل العلم ... وكانوا يقدمون المسيحية في أسلوب فلسفي ... مثل أثيناغوراس ... وترتليان ... وقد عمل كتاب اسمه المربي وهو كتاب صالح حتى اليوم ... وكليمنضس ... وكان من التقليد القديم أن يؤخذ الاب البطريرك من مديري مدرسة الاسكندرية  

3. شهداء ... يمثلوا نقاوة الحياة ... وكنيستنا كنيسة شهادة ... ايماننا لم يصل لنا سهلا ... بداية من مار مرقس، ومرورا بتاريخ طويل من الشهداء ... 
بتوليين ونساك مثل مار مينا والشهيدة دميانة ... 
متزوجين مثل القديسة رفقة ... والأم دولاجي ... 
مجموعات القديس موريس والكتيبة الطيبية ... 
والقديسة فيرينا ... والقديسة كاترين ... 

4. نساك ... يمثلوا سماوية الحياة ... سكنوا في القفار والبراري وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم للملك المسيح ... 
في البداية كان القديس الأنبا بولا ... ثم القديس الأنبا أنطونيوس ... والأنبا مكاريوس ... والأنبا باخوميوس الذي وضع قوانين الشركة ... والأنبا شنودة رئيس المتوحدين ... والذي جعل من أديرته محل يجمع كل الشعب خاصة أثناء المجاعات ... فهم متوحدين لكنهم لم ينفصلوا عن جسم الكنسية ...

ثالثا : شخصيات التاريخ الكنسي المعاصر

أي خلال المائة سنة الأخيرة ... أي أن بعضنا رآهم

1. إكليروس : البابا كيرلس السادس ... وقد اعترف المجمع المقدس بقداسته في 20 يونيو الماضي 2013 م ... وفي نفس اليوم أيضا إعترف بالأرشيدياكون حبيب جرجس وقد كان شماسا ... وقبلهم القديس الأنبا ابرام ... 
لا تربط بين موقعه أو منصبه وبين حياة القداسة ... فالقداسة يمكن أن يعيش فيها أصغر انسان ... إرادة الله هي قداستكم ... والقمص ميخائيل ابراهيم تلميذ الأنبا ابرام

2. من المعلمين ... ظهر مجموعة من الوعاظ مثل : الأستاذ عياد عياد ... وكثيرين غيره ... من المعلمين أيضا : المتنيح البابا شنودة ... وقد بدأ خدمته أسقفا للتعليم

3. من الشهداء سيدهم بشاي ... وأيضا شهداء كل يوم معاصرين ... مثل أنبا صموئيل في حادث المنصة ... وأبونا مينا في سيناء

4. ومن النساك : القمص يسطس الأنطوني ... في دير الأنبا أنطونيوس

خارج مصر وفي الكنائس الأخرى أيضا ظهر في مسيحيتهم قديسين مثل مار جرجس قديما ، والقديس يوحنا ذهبي الفم، من القسطنطينية،  والقديس باسيليوس الكبير أسقف قيصارية  وأسرته كانت أسرة قديسين
والأم تريزة صديقة الفقراء في الزمن الحديث
هذه مجرد عينات وليس حصرا لأولئك الذين عاشوا في القداسة


مجمع القداس الالهي يقدم طائفة أو مجموعة من الذين عاشوا في القداسة (تشكيلة جميلة)
جنس المرأة يمثلها أمنا العذراء مريم
ثنائيات : مكسيموس ودوماديوس إخوة
الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا ... أصدقاء
أنبا بيشوي وأنبا بولا الطموهي ... رفقاء
مجموعات من القديسين : 
الـ 318 في نيقية ... والـ 150 في القطسنطينية ... والـ 200 في أفسس ... والـ 49 شهيد شيوخ برية شيهيت ... ولباس الصليب
نذكر تائبين مثل موسى الأسود
متزوجين : مثل القديس ديمتريوس الكرام
مصريين ... كيرلس عمود الدين ... وثيئوفيلس ...
وغير مصريين ... مثل القديس ساويرس الأنطاكي ... وذهبي الفم يوناني
مجموعات أسماء : ...
الثلاث أنبا مقارات القديسين ... مكاريوس الكبير ... ومكاريوس الاسكندراني ... ومكاريوس الأسقف ...
ثلاثة باسم اغريغوريوس : الأرمني ... والناطق بالالهيات ... والصانع العجائب ...
 أول الشهداء اسطفانوس
وخاتم الشهداء البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك الـ 17

الخلاصة يا إخوتي أن هؤلاء كلهم نماذج للحب
فان أردت أن تعيش هذه المحبة الفياضة وتعرف بها المسيح
إقرأ سير هؤلاء وعشها وتمتع بها
وإعرف كيف أن الكنيسة غنية والتاريخ غني
إملأ حياتك بأرواح القديسين في كل بيت
هم في السماء حقا ... لكن مازالت ذكراهم وأعمالهم وكتاباتهم وأقوالهم عايشة معنا
القديس أنبا بولا أول السواح مع عمره الطويل لا يذكر له التاريخ سوى عبارة واحدة :
"من يهرب من الضيقة يهرب من الله" ولكنها تحيا معنا لليوم

بهذا أكون قد أكملت لك بمعنى روحي الخمسة خبزات والسمكتين لكي تعيشهم كتداريب روحية
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : الافخارستيا ... شركة حب
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب
السمكة الأولى : قانون الايمان ... إعلان حب
السمكة الثانية : سير القديسين ... نماذج حب

هذا هو برنامج روحي لك لكي تتمتع بكل عنصر فيه وتحيا في معرفة وشبع ... لكي تستطيع أن تقول مع القديس بولس الرسول :
لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ،
رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 3: 10

ولالهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين 

Thursday, October 31, 2013

السمكة الأولى/ قانون الإيمان ... إعلان حب

ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 30 من أكتوبر سنة 2013 م

أقرأ لأجل تعليمنا جزء من المزمور 18

أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي.
الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلَهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي.
أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي.
اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي.
حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي.
فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ.
......
......
لِذَلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ وَأُرَنِّمُ لاِسْمِكَ.
بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

معجزة الشبع : الخمس خبزات والسمكتين في البشائر الأربعة
الخبزة الأولى : الكتاب المقدس ... رسالة حب
الخبزة الثانية : الصلاة ... لقاء حب
الخبزة الثالثة : التوبة ... خطوة حب
الخبزة الرابعة : سر الافخارستيا ... شركة حب
الخبزة الخامسة : الصوم ... خبرة حب

هذه الخبزات بمثابة كلام أفهمه وأعيشه وأطبقه وأشبع بيه
الشبع شكل من أشكال الممارسة
فإذا مارسنا تلك الخبزات الخمسة وشبعنا بها نجيب على السؤال: كيف أشبع بالله في علاقة قوية

يبقى عندنا سمكتين
السمكة الأولى :
قانون الإيمان : إعلان حب

كثيرون يعرفون أن شكل السمكة هو أحد الرموز المسيحية المبكرة جدا
وكانت تستخدم كعلامة تعارف بين المسيحيين العائشين في وسط وثني
فيرسم المسيحي قوس على الأرض في التراب ... كأنه يلعب ... فإذا كان الآخر مسيحي فيكمل القوس الثاني ... فيكتمل شكل السمكة التي هي تعبير مختصر جدا عن الايمان بالمسيح
كلمة سمكة باليوناني هي "إكسوس" أو "إخسوس" وهي من خمسة حروف
هي الأحرف الأولى لعبارة من خمسة كلمات
"إيسوس إخرستوس إيوس ثيئوس سوتير"
ومعناها : يسوع المسيح ابن الله المخلص
فهي إذن قانون إيمان صغير ... فالسمكة هي قانون الايمان

قانون الايمان نقوله ونحن وقوف ... إذن فهو صلاة
الايمان ليس مجرد إعتناق مجموعة عقائد
ولكنه حياة ... أو عقيدة تقود إلى حياة ...
بموجب هذا الايمان أنت تعيش
الايمان ليس مجرد أفكار أو معرفة عن الله
الايمان ارتباط عميق من الصميم من القلب بشخص الله
هو احساس وجداني كياني ... بأن الله هو قائد حياتك ...
الانسان يشعر ان الله هو مُسير حياته

يسأل الأطفال أحيانا : من خلق الله؟
لكي نقرب هذه الحقيقة : ... يوجد تشبيه بسيط ولطيف
القطار به عشر عربات ... ليس لها قدرة ذاتية على الحركة
وفي مقدمتها قاطرة بها القدرة الذاتية على الحركة ... هذه القدرة الذاتية تجعل سائر العربات تتحرك
وهذه القاطرة يمكن تشبيهها بالله الذي خلق الكون كله
من يشد القاطرة رقم 10 ؟ العربة رقم 9، ومن يشد رقم 9؟ رقم 8 ... إلخ
ومن يشد رقم 1؟ القاطرة ... ومن يشد القاطرة؟
لا شيء يشد القاطرة ... لأن القاطرة بها قدرة ذاتية على الشد

الايمان المسيحي ادراك حي وكياني لوجود الله في حياتي

"الايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بأمور لا ترى" (عبرانيين 11: 1)
أزود كلمتين لتوضيح الآية أكثر : ...
الايمان هو الثقة (الشخصية) بما يرجى ... والايقان (الداخلي) بأمور لا ترى
رجاء ... ويقين ...
أي أن عين الايمان ترى أبعد من العين الجسدية
والكتاب المقدس به قصص كثيرة عن هذا الأمر
والمتنيح ابونا بيشوي كامل له تعبيرات كثيرة عن الايمان
أحدها : ...
"حجم الانسان المسيحي ليس هو حجم جسده بل هو حجم الله الساكن فيه، ولذلك يستطيع أن ينقل جبلا"
ومعجزة نقل جبل المقطم في القرن العاشر الميلادي معروفة ... سجلها تاريخ الكنيسة ... وتاريخ مصر ...
واشترك فيها الكل ... الأب البطريرك والاكليروس وكل الشعب وانسان بسيط مثل سمعان الخراز ...
لذلك فالمسيحي يقول : "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" أي بالمسيح الذي يقويني
وكأن الانسان يختفي في شخص المسيح ... والمسيح هو الذي يعمل
وبذلك يستطيع به أن يعمل كل شيء
الانسان المؤمن المسيحي ليس هو الانسان الذي ينادي بفكرة الله
لكنه الانسان المؤمن المسيحي هو الذي يقبل الله إلها له ... محورا لكيانه كله ... موجها لكل حياته ...
"جعلت الرب أمامي كل حين ... لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع" (مزمور )
مفاعيل الايمان المسيحي ليست هي من الخارج فقط بل حتى أفكارنا
يعترف الانسان حتى بأفكاره ومشاعره
ومن هنا جاء تعبير الأرثوذكسية ... أي العقيدة المستقيمة
أو الطريقة المستقيمة لتمجيد الله

وكن لماذا وضع الايمان في صورة قانون؟
القانون دائما له صياغات جامعة مانعة
جامعة (شاملة) ومانعة : لأي إلتباث أو تغيير أو فهم خاطئ
اي مسيحي في العالم يقول قانون الايمان
شهود يهوة لا يقولون قانون الايمان، وبالتالي فهم ليسوا مسيحيين
قانون الايمان يتلوه كل انسان مسيحي شرقا وغربا

احصائية لطيفة
قانون الايمان به 178 كلمة كلهم من الكتاب المقدس ... فهو صياغة كتابية
تحددوا واكتملوا في 106 سنة بدءا من مجمع نيقية سنة 325 م
ومجمع القسطنطينية سنة م381 وحتى مجمع افسس431 سنة م أي 106 سنة
كل كلمة به مختارة بعيار الذهب
اشترك في وضعه 686 أب بطريرك ومطران وأسقف

وهو كله اعلان حب ... حب ربنا يسوع المسيح وعمله وفداؤه وخلاصه بترتيب تاريخي واضح

بدأت المسيحية واحدة ... كانوا يسمونها أتباع الطريق

في سنة 325 م ظهرت بدعة في الاسكندرية صاحبها أريوس بغروره وكبرياؤه ... وأراد أن ينشر هذه البدعة ... أن المسيح ليس هو الله ... قال: المسيح ليس أزليا
أخذ إقتباسات من الكتاب المقدس أساء فهمها وأساء شرحها
فإجتمع المجمع بأمر الملك قسطنطين . وكان أول مجمع يحضره آباء الكنيسة شرقا وغربا (سنة 318)
ناقشوه كثيرا ثم حرموه وبدعته
ولكي يحفظوا الايمان وضعو الايمان في قالب قانوني

بعد حوالي 50 سنة أو أكثر قليلا ظهرت بدعة أخرى
بدعة مقدونيوس . الذي علم أن الروح القدس ليس روح الله
فإجتمعت الكنيسة وأكملوا قانون الايمان في القسطنطينية
وقانون الايمان كان ينتهي عند عبارة نعم نؤمن بالروح القدس.

بدأ الجزء الثاني من عبارة "الرب المحيي المنبثق من الآب ... الخ"

والمجمع الثالث في أفسس، وكان هذا لما ظهر هرطوقي ثالث هو نسطور قال أن العذراء مريم ولدت جسد المسيح فقط
فإجتمعوا في أفسس

ووضعوا مقدمة قانون الايمان في مجمع افسس سنة 431 م
"نعظمك يا أم النور الحقيقي ... الخ"

وصار القانون ومقدمته صاروا إعلان حب

لا يجب أن تقول قانون الايمان بسرعة بل تأمل فيه وتلامس فيه مع إعلانات الحب التي قدمها لنا المسيح والمذكورة في كل كلمة من كلماته
قانون الايمان هو الخلاصة السريعة عن الايمان المسيحي
نتكلم فيه عن لاهوت الله الآب ولاهوت الله الابن ولاهوت الروح القدس
كل كلمة في القانون ذات أهمية شديدة
عن الآب يقول : ضابط الكل ... خالق السماء والأرض ... ما يرى وما لا يرى ...
وعن الابن يقول : الوحيد ... المولود من الآب ... الذي به كان كل شيء ...
وعن الروح القدس يقول : الرب المحيي ... المنبثق من الآب ... الخ
ثم يتكلم عن سمات الكنيسة : وحيدة مقدسة جامعة رسولية
وعن سر المعمودية : "السمك يعيش في الماء"
السمك يعيش في الماء، وهو يقدم للانسان صورة اعجازية إذ يعيش في موضع هلاك الانسان ... يعيش حيث يموت الانسان ...
العلامة ترتليان هو صاحب العبارة اللطيفة
"نحن السمك الصغير بحسب سمكتنا الكبيرة شاء فولدنا في الماء"
ثم يتكلم عن عقيدة قيامة الأموات : وننتظر قيامة الأموات
ثم عقيدة الحياة الأخرى ... وحياة الدهر الآتي آمين

نحن نصلي قانون الايمان ونحن وقوف ... فهو صلاة

ثم نتذكر الآباء الذين تعبوا في وضع هذا القانون ضد الهرطقات
فقد برع في مجمع نيقية الشماس أثناسيوس ثم رسم كاهنا وصار فيما بعد البطريرك العشرين
وهو الذي دافع ووضع كتب كثيرة: تجسد الكلمة ، وضد الوثنيين، ومقالات ورسائل فصحية كثيرة
نفي خمس مرات وتحمل أتعاب كثيرة من أجل ايمانه
لما قالوا له : العالم كله صار يتبع أريوس
قال : وأنا ضد العالم ...
لا يستطيع انسان أن يقول هكذا إلا لأن إيمانه قوي والمسيح يسكن في قلبه

نتذكر الآباء الذين تحملوا الكثير لكي يحفظوا لنا هذا الايمان نقيا وقانونيا

اي هرطقة تظهر ... نقيسها على قانون الايمان
نشكر الله أنه عبر عشرون قرن من الزمان والايمان المسيتقيم يحيا في كنيستنا
وهو ايمان غالي علينا جدا
وهكذا الآباء الذين تعبوا في وضعه
هذا القانون له ثمن غالي
لذلك سمي الأنبا أثناسيوس : حامي الايمان القويم

قانون الايمان هو من الكتاب المقدس ... لذلك ونحن نقرأه ننقرأ كلام الله
وقراءة لنصوص من الكتاب المقدس ... كلمة الله دائما مصدر عزاء وراحة للانسان

نقف لحظة أمام بدايته
"بالحقيقة نؤمن بإله واحد"
المسيحية تؤمن بالله الواحد
في العهد القديم في سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد
وأيضا
وفي سفر إشعيا : أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري
وفي العهد الجديد : "ليس أحد صالح إلا الله
الله واحد (رومية)
لنا إله واحد (1كو)
الله واحد الذي يعمل الكل في الكل (1 كو 12)
وعندما نتحدث عن الله الواحد نجد امتياز المسيحية باقتراب الله الواحد للانسان في ملئ الزمان
واقتراب الله للانسان في تجسده هو اقتراب الحب
(يوحنا 3: 16) الانجيل الصغير
لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
الله الذي خلق الانسان يعرف أن مفتاح قلب الانسان هو الحب، وبالتالي فهو يعرف مفتاح كل انسان ... لذلك سأصل إلى الأنسان الذي أحبه وأفديه وأخلصه وأرفع عنه ضعفه وأقف بجواره
الحب لا يصلح فيه المراسلة، ولا يصلح فيه البعد
مثل طفل أمه تحبه، ولكنه شقي فتقول له ... خليك بعيد وأحبك من بعيد !!!
ليس هذا الحب ... لكن الحب هو الاقتراب
وهذا ما نسميه سعادة التواجد
في المسيحية يتواجد الله في قلبنا ونتواجد في قلبه

كلمة إنجيل : يعني بشارة مفرحة
ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب
هذا هو خلاصة الايمان والنقطة الاساسية في الايمان
نؤمن بالله الواحد، ولكنه إقترب إلينا

كلمة الآب : أي الأصل The Origin
وكلمة الإبن : وهي كلمة خالية من اي تناسل أو جنس
وكلمة الروح القدس :
الله كائن بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه ... وهذه هي الأقانيم الثلاثة
وحدانية الله هي حجر الأساس في إيماننا المسيحي
نحن نرشم الصليب ونختم بهذه العبارة
الله الواحد آمين

قانون الايمان له شرح كثير وله معاني وتفاصيل كثيرة
ولكن هذا القانون هو اعلان الحب
من الله للانسان ومن الاسنان لله

إيماننا وعقيدتنا تقوم على ثلاثة أعمدة رئيسية :
1. ايماننا كتابي ... مبنية على أساس الكتاب المقدس ومتأصلة في الأسفار ... ولكن إحذر من خطورة الآية الواحدة ... لابد أن يكون لها جذور في الكتاب في أكثر من سفر وأكثر من نص
2. عقائدنا آبائية ... مشروحة بواسطة الآباء ... مثل العظيم في البطاركة القديس أثناسيوس الرسولي ... من خلال مجامع ... مسكونية أو مكانية ... لأن الايمان ليس طلاسم أو علامات استفهام، ولكنه يجب أن يفهمه ويعيه العقل بعمل الروح.
3. عقيدة ليتورجية: أي أننا نعيشها في صلواتنا وعباداتنا الكنسية ... لذلك فان الارتباط بالكنيسة يعطي حياة ... الحياة الكنسية

قانون الايمان يشرح كل المراحل وتاريخ مسيحيتنا وإيماننا ...
"وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي" ... إيماننا محدد التاريخ، وهو ليس مجرد تعابير هيولية ليس لها حدود

أختصر لك قانون الايمان في ثلاث عبارات
1. الله خلق
2. الله خلص
3. الله خلد ... أي جعل للانسان خلود وحياة جديدة

الحرف الأخير من كل كلمة يكون كلمة : "قصد" أي قصد الله
الله خلقك وأوجدك لكن الانسان تاه وبعد وسقط في المعصية ... ولكن الله من حبه جاء لكي يخلصه ... ولا يتركه في الأرض بل صعد إلى السماء لكي يعد له مكانا اكي يحيا في الخلود

قانون الايمان سمكة من سمكتين ... يمكن أن تتأمل فيه صوم كامل ...
تبحث عن موضع آياته ... وعن تاريخ الآباء الذين تعبوا ووضعوه

واجب : إقرأ عبرانيين 11 اصحاح الايمان بعد العظة ... لكي تعيش في فكر الايمان
وهو اصحاح هام جدا ويتكلم عن تعريف الايمان والذين عاشوا بالايمان

يعطينا مسيحنا أن يكون إيماننا حي ومستقيم يمجده في كل حين
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين