Thursday, December 12, 2013

الديانة الطاهرة


الديانة الطاهرة النقية عند الله (4 من ديسمبر 2013)
ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 4 من ديسمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
تحل علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين

أقرأ لأجل تعليمنا فصل من رسالة معلمنا يعقوب الرسول
(الأصحاح الأول من عدد 19 : 27)

إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعاً فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئاً فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئاً فِي الْغَضَبِ،
لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ.
لِذَلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرٍّ. فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ.
وَلَكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ.
لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعاً لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِراً وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ،
فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ.
وَلَكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ - نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ - وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعاً نَاسِياً بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهَذَا يَكُونُ مَغْبُوطاً فِي عَمَلِهِ.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هَذَا بَاطِلَةٌ.
اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللَّهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين ...

في نهاية هذا العام الميلادي ... شهر ديسمبر ... وفي فترة الصوم ... يجب أن نراجع مبادئنا الروحية ... المبادئ الروحية للانسان المسيحي
ومن الجميل في الكتاب المقدس أنه يقدم تعريفات محددة للموضوعات الكبرى
فمثلا : ما هي المحبة : نجد الاجابة في (1 كو 13) تعريف واضح جامع ومانع للمحبة
ومثلا في (عبرانيين 11) نجد تعريف للايمان
وأهمية التعريفات المحددة هي أنني أستطيع أن أقيس عليها نفسي
وأحد أهم هذه التعريفات : تعريف الديانة الذي نجده في رسالة معلمنا يعقوب

ثلاثة مفاتيح للديانة :

المفتاح الأول :
رسالة معلمنا يعقوب الرسول تعتبر من أدب الحكمة
من أكثر الموضوعات التي تشغل بال الانسان في حياته على الأرض هو الكلام
نجد الاصحاح الثالث من هذه الرسالة يتكلم حديثا وافيا عن الكلام

إن كان أحد فيكم يظن أنه دين ... وهو ليس يلجم لسانه بل يخدع قلبه ... فديانة هذا باطلة

قد يكون الانسان مسيحيا من خلال رقمه القومي أو إسمه
ولكن مفتاح الديانة الحقيقية أمام الله هو الانسان الذي يلجم لسانه
أي يأخذ باله من كلمه يقولها ... وهذه هو المفتاح الأول والأصيل للديانة
الأنشطة التي يعملها الانسان كل يوم متعددة يأتي على رأسها
الكلام ... والاستماع ... والكتابة ... والقراءة ...
هؤلاء أهم أربعة أنشطة يعملها الانسان كل يوم
المفتاح في ديانة كل انسان هو أن يلجم لسانه
إعلم أنه "بكلامك تتبرر وبكلامك تدان"
ولن يستثنى من هذه القاعدة أحد !!!

المفتاح الثاني :
الديانة الطاهرة النقية عند الله
لكي يحيا الانسان هذا المفهوم لا بد أن تعرف أن البشر على أنواع ثلاثة
1. الانسان الطبيعي ... يحيا المبادئ الانسانية ... سيد الخليقة ... عنده أخلاق ... يعيش في أي مجتمع بالطبيعة الانسانية ... هذا الانسان يحاول أن يجاهد ولكن بدون نعمة ... لذلك لا يجد تعزية
2. إنسان ينحدر عن طبيعته الانسانية إلى المستوى الجسداني ... حب الشهوة ... حب القنية ... حب التطلع والمناصب ... والخطأ والارهاب والجريمة والعنف ... هذا لأنه إنحدر عن إنسانيتة ... وهذه الانسان لا يرتبط لا بجهاد روحي ولا بنعمة ... لا يأخذ نصيبا من النعمة ...
3. إنسان روحاني ... الروح هو الذي يقودة ... يعيش حياته ممزوجة بين جهاده الروحي وبين النعمة الالهية ... جهاد روحي ... صلوات ... أصوام ... قراءات ... خدمة ... انسان صاحب جهاد ... ولكن هذا الجهاد ممزوج بالنعمة الالهية ... لذلك فهو دائما فرحان ... أحد القديسين قال : إن رائحة عرق الصلاة أزكى من البخور ... فهو انسان ملتوت بالنعمة ... ممزوج بالنعمة ... ممسوح بالنعمة ... وعلامته أنه دائما فرحان ... ويشعر دائما بقيادة الله لحياته ... "لتكن مشيئتك"

الديانة الطاهرة النقية عند الله تحتاج هذا الانسان الروحاني
إرتقي بحياتك
الأصوام هي الفرصة المناسبة للمراجعة والتقدم
لا تبدأ صوم وتنهيه بدون أن تكون قد تغيرت فيه
فترات الصوم هي فترات تغيير للأفضل
ترك لخطية ... إضافة لفضيلة ...
القداسة هي من الداخل ...
وصية ربنا : "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء"
نفس المعني يقوله بولس الرسول : " أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"

المفتاح الثالث :
جناحين يرفعوا الانسان لكي يصير انسان روحاني
الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه ... إفتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ...
وهذا هو الجناح الأول ...
مقياس : هل تفتقد يتامى وأرامل ؟ هل تساعدهم ؟ ليس ماديا فقط ... بل كل أعمال المحبة ... وابسطها أن يسأل عنهم ...
لكي تكون ديانة الانسان طاهرة نقية يجب أن تفتقد كل من في ضيقة
في مجتمعنا المصري كثيرون محتاجون
ليس فقط الاحتياج المادي ... وإن كان هذا مهما جدا ...
ولكن أيضا إحتياجات الخدمة والمحبة ...

في دولة غربية (السويد)
كل انسان عنده وقت يسجل في بلدية المدينة ... ويجمعوا هذه الأوقات
وفي المقابل تتجمع احتياجات لناس ... مريض ... مسن ... وحيد ...
ويوزعوا الناس الذين لديهم أوقات على الناس الذين لديهم احتياجات ...
زرت مرتين انسان مريض معاق ... ووجدت عنده في المرتين شخصين مختلفين يقومون بخدمته شخص في كل مرة ...
لا يعمل فيه غير اصبع قدمه الكبير فقط ... فصمموا له كمبيوتر خاص وماوس خاص ... وأخذ هذا الشخص جائزة كبيرة لأنه إستطاع أن يحول سفر النشيد إلى سيمفونية ... وهو معوق إسمه (ماتز)
يخدمه أفراد متعددين يقدمون وقتا ... أتمنى أن نظاما مثل هذا يوجد عندنا

في جتمعنا توجد طاقة شبابية كثيرة ضائعة ... ويوجد عدد من البشر يحتاج حتى مجرد مكالمة تليفون ...
وإذا لم يسأل عنه إنسان يصير غريبا ... والمعاناة النفسية معاناة شديدة ..
إذا أردت أن تعبر أن لك ديانة حقيقية طاهرة نقية ... يجب أولا أن تفتقد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ...
ليس مجرد زيارة ... توجد احتياجات أكثر الحاحا ... وأكثر عمقا ...
أدعوك أن تبحث عن هؤلاء ... وكيف نخدمهم ...

مثلا الأم أو الأب الذي عنده طفل لديه إعاقة ذهنية أو جسدية ... هو يعاني من عبء ثقيل جدا ...
ما رأيك أن تريحه ساعتين أو ثلاثة كل يوم
وهذا بدلا من أن تضيع وقتك في لا شيء

يوجد في قلبي حزن ... وخسارة أنه يوجد إنسان في أشد الاحتياج لطاقتك هذه
مثلا المطروحين بأمراض شديدة أو مزمنة ...
مع هذا الصوم لا بد أن يوجد في حياتك هذا النوع من الخدمة ... لكل أحد ... ولا تكتف بالقشور ... أدخل إلى العمق ...

الجناح الثاني :
حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
الأولى مسئولية خارجية وان كانت تنبع من القلب ...
ولكن الثانية مسئولية شخصية ... حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
كتبت هذه الرسالة في القرن الأول الميلادي قبل كل وسائل الاتصال الحديثة ...
ولكنه يقول حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم
العالم قد وضع في الشرير ... وأنت لك مسئولية شخصية عن نفسك
والشر كان زمان كان محدودا ... لكنه الآن غير محدود ... ومتاح بأي وسيلة ...
في التاسعة نقول ... أمت حواسنا الجسمانية ... أي أمت الشر الذي فيها
الحواس كما هي مداخل للمعرفة ... هي أيضا مداخل للشر
إرادة الله هي قداستكم
وبهذه القداسة يستطيع أن يعاين الله
القديس يوحنا الدرجي يقول : "الإنسان الطاهر هو الذي يطرد الحب بحب ... هو يطرد حب الدنس أو الخطية أو الشهوة ... بحب آخر أسمى منه " ...
توجد في قلبك محبات كثيرة
ولكن يجب أن يتدرب الانسان على الابتعاد عنها فترات
مهما تعاظمت اختراعات الانسان ستبقى للتراب وللأرض فقط
إحترس أن تكون هذه النهضات العلمية سبب لدنس في العالم
لو كان أحد القديسين مثل بولس الرسول منشغلا بأشياء مثل التي في ايدينا اليوم ... أجهزة عديدة ... هل كان يستطيع أن يقول
لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا
صار الانسان غارقا في الدنس
قدس حواسك ... ضع حارسا لحواسك
إهرب من المشاهدة الضارة أو المكان أو الشخص
السمع : تجنب مجالس المستهزئين :
التذوق الصوم
اللمس : إهرب من الأماكن المزدحمة واحفظ نفسك عفيفا
الشم : إحفظ نفسك من بعض الروائح المثيرة أو المتعبة أو المغالاة في التزين والتنعم بصفة عامة
إمزج جهادك بنعمة الله ...
أوعدك مع اقتراب عام جديد أن أبدأ معك بداية جديدة
أن تكون ايماني وديانتي ومسيحيتي تكون طاهرة وحقيقية
وأن يكون لي هذين الجناحين
إفتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وكل من شابههم في الضيق
وحفظ الانسان نفسه بلا دنس !!!

لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين ...

No comments: