Wednesday, November 27, 2013

من له أذنان للسمع ... فليسمع !!!

Photo: ‎ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني
ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. 
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ. 
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ. 
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. 
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا. 
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. 
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً. 
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. 
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ. 
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً. 
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ. 

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ... 
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير 
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة 
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم 
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ... 
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل : 
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 : 8)
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ... 
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ... 
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...      
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ... 
خدرت ضميره ... 
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ... 
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...           
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟  
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ      
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ... 
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ... 
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ... 
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ... 

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ...      فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ... 

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ... 
     
مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ... 
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ... 
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر .... 
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ... 
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ... 
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ... 
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ... 
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ... 
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم  ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ... 
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ... 
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة 

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون:  "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ... 
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ... 

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا... 
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ... 
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي 
وألتقط الكلمة النافعة لي 
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين‎
ملخص محاضرة قداسة البابا المعظم أنبا تاوضروس الثاني

ألقاها مساء الأربعاء 13 من نوفمبر سنة 2013 م

بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
أقرأ لأجل تعليمنا رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية

اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ.
مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ،
تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ.
وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً.
وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.
كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.
لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.
إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.
يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ.

نعمة الله الآب تكون مع جميعنا آمين

من الملاحظات الجميلة في الكتاب المقدس
أنه توجد عبارات قليلة تتكرر كثيرا
ومن أشهر هذه العبارات
"من له أذنان للسمع فليسمع"
وهذه العبارة تتكرر كثيرا في سفر الرؤيا
وتختار الكنيسة ليلة هامة بين الصليب والقيامة يقرأ فيها سفر الرؤيا ...
وتقال هذه العبارة باللحن

من الأمور الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر كثيرا في قراءات الآحاد من شهر هاتور
شهر هاتور هو الشهر الذي في نصفه الثاني يأتي صوم الميلاد
بداية الصوم 16 هاتور
إذن من بداية صوم الميلاد ... وحتى نهاية الصوم الكبير
الكنيسة تبدأ وتنتهي بهذه العبارة

الأكثر دهشة أن هذه العبارة تتكرر في الأحد الأول والثاني والثالث من شهر هاتور
وفي الشهر الرابع يقرأ فصل " الغني الحزين "
وكأن الكنيسة تقول لنا ... هذا مثل لشخص كان له آذان ولكنه لم يسمع !!!

الحمد لله كلنا لنا آذان ونسمع
الأذن حاسة أساسية في الانسان
أحيانا نرتب حاسة النظر قبل السمع
ولكن بعض المدققين يضعون السمع أولا
لماذا ؟ لأن الأذن تتميز عن العين بشيئين هامين : ...
الأول : أن العين تحتاج إلى النور لكي ترى ... لكن الأذن لا يهمها هذا ...
الثاني : أن العين ترى في اتجاه واحد مواجهة ... لكن الأذن تسمع من جميع الاتجاهات

لذلك يقولون : الانسان في الصباح كائن بصري
ولكنه في الليل وأيضا في النهار كائن سمعي

ما هي هذه العبارة الثمينة التي تضعها الكنيسة في أول صوم الميلاد وتختم بها الصوم الكبير وتتكرر أكثر من مرة
حوالي عشرة مرات في العهد الجديد !!!

ليس المهم ما نسمع
ولكن المهم من نسمع
وأيضا كيف نسمع ...

البعض يصطنع ثقل السمع
في سن المراهقة يسمع الأولاد ما يروقهم
Selective listening
وأحيانا " ودن من طين وودن من عجين"
وأحيانا يقولون : "يسمع من هنا ويطلع من هنا

ليس المقصود السمع المادي ... أي تشريح الأذن والأعصاب
ولكن المهم السمع الروحي أو القلبي أو الداخلي

بدءا من آدم وحواء ... سمعا صوت الله ... ولكنهما لم يستمعا استماعا قلبيا
وجاءت المخالفة وكسر الوصية
ودخلت البشرية في دوامة الخطية
......................................

إنتبه إلى ثلاثة

أولا : لا تخدع نفسك أنك متدين
لأن كثيرين يعتمدوا في تدينهم على الأذن ...
الأذن وحدها لا تكفي ...
ما الخطوة التي تلي السمع ؟؟؟ لا يوجد ...
ماذا ينفّذ ؟؟؟ لا شيء ...

إذن يا إخوتي الأحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع ... مبطئا في التكلم ... مبطئا في الغضب
كونوا عاملين بالكلمة ... وليس سامعين فقط خادعين أنفسكم

أحيانا تعمل الكنيسة نهضة
المقصود بالنهضة أن تحدث نهضة حقيقية في قلب اانسان
ولكن البعض يحضرون برنامج النهضة كله دون أن يتغير فيهم شيء !!!

كونوا عاملين بالكلمة لا ساميعن فقط خادعين أنفسكم
لا تخدع نفسك أنك متدين
عش الايمان الحقيقي
عيش الوصية
وجودك في الوصية واستماعك للكلمة هو الحياة

تلميذين من تلاميذ السيد المسيح
يوحنا ... ويهوذا
الاثنين من الاثنى عشر
الاثنين استمعا الى تعاليم السيد المسيح ...
وحضرا المعجزات ...
وسمعا شهادة الشهود من الناس التي تمت فيها المعجزات ...
واحد كان يستمع بقلبه ... فاستحق أن يدعى التلميذ الذي كان يسوع يحبه

يقال عن طفل ... بيسمع الكلام
مسيحيتنا كلها تقوم على هذا الفعل ...
ها أنا واقف على الباب واقرع ... إن سمع أحد وفتح ... أدخل ...
عيش معرفة الوصية الحقيقية ... أدخل إلى العمق ... لا تكتف بالقشور من الخارج ...


ثانيا : عندما تستمع إلى الوصية إقبلها إليك
مش جاية علشان أعلم بيها غيري
بعض الخدام يستخدم الانجيل في التحضير ... هذا جيد
لكنه يستخدمه لكي يعلم غيره ... وأنت ماذا تتعلم ؟؟؟

سئل ذات مرة القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم ... لماذا تعاليمك هكذا جميلة
أجاب : "إن كلماتي هي لي قبل أن تكون لكم "
إقبل الكلمة كرسالة شخصية لك ...
فالمقياس في الدينونة ليس بمعرفتك للوصية ... لكن بتنفيذك لها ...
بعض الدارسين في الدراسات الدينية يستعرضون معلوماتهم ... وقد يكونون مرجعا ... هذا جيد ...
ولكن المهم ... ماذا ينفذ منه ... وماذا يعيش فيه ...
الله لن يسألنا ماذا عرفت من الوصية ... بل ماذا عشت منها ... طبقت منها ايه ؟؟؟
لذلك الوصية تكشف ضعف الانسان ونقائصة
والكتاب المقدس كالمرآة
الوصية تكشف الضعف والخطأ والنقص والتقصير والكسل والاستهانة

عندما تقابلت المرأة السامرية مع المسيح
كانت معرفتها محدودة وسمعتها سيئة
كانت في البداية مقابلتها للمسيح جافة
ولكن المسيح برقته يتكلم معها ...
إلى أن تعترف بخطيته اعتراف رقيق ... والسيد المسيح يقبله بصورة أيضا رقيقة ...
وتتدرج ويفتح لها الباب
لو كانت السامرية ... أدارت وجهها ولم تكلمه لكانت أضاعت فرصة حياتها ...
لكنها استمعت إلى الآخر
وذهبت تبشر أهلها ويستضيفون المسيح ... فيؤمنون به ... ثم يقولون له ...
على فكرة يا يسوع ... إحنا مش آمنا علشان هذه المرأة قالت لنا ... لكن لأننا رأينا وسمعنا ...

إقبل الكلمة لك أنت...
لكل خادم في أي مستوى :
الانجيل غذاء لك أنت أولا قبل أن تغذي آخرين


ثالثا : دائما إنتهز الفرصة
فرصة الاستماع
اليوم ان سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم
فرصة صوم بعد أيام قليلة
فرصة الصحة التي يعطيها الله لك

لذلك عندما تحضر القداس وفي وقت القراءات ... ينبغي أن تنتبه جيدا ...
فالله يريد أن يرسل لك رسالة خاصة ...
لو أنت مستعد ... تصلك الرسالة ...
لو أنت غير مستعد ... أو منشغل ... أو تتكلم مع من بجوارك .. أو غير منتبه ... ضاعت الرسالة
"تخيلوا معي لو أن ذلك الشاب الذي كان جالسا في الكنيسة واستمع إلى الشماس الذي كان يقرأ الانجيل :
"إن أردت أن تكون كاملا ... فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء وتعالى إتبعني"
كان مشغولا أو سرحانا أو غفلانا
تفتكروا كان نظام الرهبنة يبدأ على يد القديس أنطونيوس ؟؟؟
أنظر كم من البركات كان يمكن أن تضيع على البشرية !!!

لذلك في سفر الخروج
(خروج 19 :
وجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاهم بها الرب
وقالوا : "كل ما تكلم به الرب ... نفعل ...

إذن هذه الثلاثة إنتبه إليها : ...
1. لا تخدع نفسك أنك متدين ...
2. كل وصية هي لك قبل أن تكون للآخر ...
3. إنتهز الفرصة المتاحة لك اليوم ...

كان رجل يسمع عن المسيح ... وإشتاق أن يراه ... وصعد على الجميزة
زكا بمجرد أنه إستمع استماعا حقيقيا ... تحركت أحشاؤه ... وتصغر في عينيه شهوة المال ... يعطي نصف أمواله للمساكين ... ويرد أربعة أضعاف إن كنت قد وشيت بأحد ...
.......................................

ماذا نسمع ؟
بعض المصادر التي نسمع بها إلى رسائل :
1. صوت الضمير ... خلي ضميرك صاحي ... حي ... فعال ... كالميزان ...
تأنيب الضمير أحد مراحل التوبة ...
من الأمور الجميلة في شهر هاتور أن الكنيسة تقدم لنا مثل الزارع في الأحدين الأول والثاني من شهر هاتور ... وهو أمر لا يتكرر في الكنيسة ... وهذا لأن السنة القبطية زراعية ... ولأن الزراعة هي الأمر الأول في مصر تاريخيا ...
ولكن الذي سقط بين الشكوك أخذته هموم الحياة وانشغالاتها ومسراتها ...
خدرت ضميره ...
إستمع إلى صوت الضمير وإجعله ضميرا حيا ...

2. إستمع إلى صوت الوصية ... في الكتاب المقدس كله ...
وفي أقوال الآباء التي هي توضيح للوصية ...
هل تشعر أن الوصية حية أمامك ؟
لا يهم كم تقرأ ... لكن المهم كم تفهم ... وكم تعيش من الوصية وتطبقه في حياتك ...
من خلال القراءة ... والدراسة ... والبحث ... والتأمل ... والحفظ
لاتختار جزء من الوصية أو بعض الوصايا فقط ...
خلي صوت الوصية حاضر دايما في البيت ...
من الجميل أن نعلق بعض الوصايا بخط جميل في البيت ...
نتذكر بها الوصية ... ونحاول تطبيقها ...

3. إستمع إلى صوت أب الاعتراف الروحي أو من يقدم لك الإرشاد الروحي ... المفترض أنه توجد علاقة روحية قوية بين المعترف وأب الاعتراف ...

أب الاعتراف ليس كل كاهنا ... بل هو الأب الذي إختبر وعرف ما يسموه طب النفوس ... فالتعامل مع النفس ليس أمرا سهلا ... فأب الاعتراف الروحي الممتليء من روح الله ... تستطيع أن تستمع صوته بإطمئنان ... فهذا ليس صوته ... لكنه صوت الله ...

وهي علاقة تستمر سنين ... وهي علاقة فيها المعترف وأب الاعتراف الذي عرفني جيدا ... ويرفعني روحيا ...

مرة واحد أراد أن يبيع قطعة أرض ... فذهب إلى بعض الأديرة ... فأول راهب يقابله قال له أبونا إختر ورقة من الورقتين ... تطلع بيعها ... يهلل ... يذهب إلى دير آخر ... تطلع الورقة لا تبيعها ... واضح أن هذا أمرا ليس له أي معنى ... وهذا الانسان يخدع نفسه ... نحتاج أن نستمع إلى صوت روحي ...

4. صوت الطبيعة ... الطبيعة تتكلم ... فهي خلقة يد الله ... الهواء والشجر وأحداث الطبيعة والبحار والفلك يخبر بعمل يديه ... الأنهار تتكلم ... تعلم من الطبيعة ...
ثورات الطبيعة البراكين والزلازل ... الفيضانات والأوبئة أيضا تتكلم ...
فهي تحث الانسان على التوبة ... توقظ البشر ....
العالم في زمننا هذا أصبح صغيرا ... فتعرف الأحداث في أي مكان خلال ثواني ...
إعتبر ما تسمعه من أخبار صوت ورسالة لك ...
بعض الناس يسجلون أصوات الطيور خاصة في الصباح الباكر ...
والتي تبدو كأنها موسيقى ... وكأن العصافير ترابع بعضها البعض

5. صوت الحياة ... قصص حياة الآخرين ... كل قصة انسان تساعدنا على فهم الحياة بصورة أفضل ...
لذلك من التداريب الجميلة للمراهقين والشباب قراءة المذكرات ... السيرة الذاتية ... لبعض المشاهير في العالم ... تعطيهم الرؤيا وخبرة الحياة ...
وعندما يوضع الأحفاد مع الجدود ... تكون هذه وسيلة جيدة ليصير الطفل أكثر خبرة في الحياة ... لأنهما يحكون حكايات مفيدة ...

6. التقليد ... الآباء حدثونا بكتابات وشروحات وتفسيرات ... وعلمونا ...
وكتاباتهم عندما نقرأها نفرح ... علمونا كيف نفرح بكل وصية ...
أثناسيوس الرسولي ... القديس إغريغوريوس الناطق بالالهيات ... القديس يوحنا ذهبي الفم ... القديس باسيليوس الكبير ... القديس كيرلس عمود الدين ...
هؤلاء قدموا مناهج وكتابات نعيشها حتى اليوم ... ونفرح بها ... وتوضح أمامنا الطريق ...

7. صوت الآخر ... كل شخص قريب منك ...
أب أو أم ... أخ أو أخت ... صغير أو كبير رجل أو إمرأة ...
استماعك للمحيطين بك ... ذوي القرابة والمحبة

قد يعتبر الطفل أن أباه "دقة قديمة" ولكن بعد ذلك يقول : أبي علمني ...
يقولون: "إني أرى أبعد من أبي ... ولكن هذا ليس لسبب إلا لأنه يحملني فوق كتفيه" ...
فقد يتحدث الله إليك من خلال أصواتهم ... فقد يتحدث الله إليك من خلالهم ...

وأنت تستعد لصوم الميلاد إن أراد الرب وعشنا...
حضر أذنيك ... قل له ... يا رب أريد أن أسمعك كل يوم ...
وأريد أن أفهم رسالتك لي كل يوم
أنتظر رسالتك ... وأعيش وصيتك ... وأفرح بوجودك في حياتي
وألتقط الكلمة النافعة لي
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

(الصورة منقولة وليست من إنشائي)

No comments: